السبت، ٢ يونيو ٢٠٠٧

معالم أساسية لانطلاقة الداعية 2-3
دعوة الناس كافة

وهذا المعلم مما يميز دعوة الإسلام عن غيرها من الدعوات السابقة، التي كانت لأقوام خاصة، أما هذه الرسالة فشعارها: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) (الأعراف:158)، والدعاة إلى الله مطالبون بأن يقدموا دعوتهم للناس كافة على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وأوطانهم، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يعرض دعوته على الناس كافة، ويراسل الملوك، ولا يترك أحدًا إلا وبلغه رسالة الله، وهاجر إلى الطائف، ثم إلى المدينة ليبلغ رسالة الله.
والداعية حتى يحقق هذا المعلم لا بد له من
الانطلاقة المزدوجة
فالداعية لا يحقق الانتشار لدعوته إلا من خلال اتصاله المتعدد والمزدوج؛ فهو يبلغ دعوته للعامة من الناس والملأ في آن واحد، ويتوجه بدعوته إلى الغني والفقير، والحاكم والمحكوم، والمؤيد والمعارض، كما أنه يسير بدعوته على محورين اثنين: الدعوة الجماهيرية العامة، والدعوة الفردية الخاصة، فهي انطلاقة مزدوجة تحقق له كما قال "محمد أحمد الراشد" "انسيابية المجتمع، والبحث عن الرواحل، واصطفاء الأخيار"، كما أنه يتوجه بدعوته للصغير والكبير وللرجال والنساء جميعًا؛ لا يترك أحدًا من خلق الله إلا وبلغه دعوته، وكما قال "البنا": "وددت لو أنني أبلغ الدعوة للجنين في بطن أمه"!

مسافات منتصف الطريق
فالداعية إلى الله لا يغلق بابًا، ولا يسد طريقًا، فإن عجز عن إتمام دعوته، فلا أقل من أن يقيم جسورًا ممتدة مع المخالفين، ويقطع معهم مسافات منتصف الطريق؛ وذلك بأن تكون هناك نقاط التقاء يتفق عليها الداعية مع من يدعوهم، فيما يشبه "دائرة الثوابت والمتفق عليه"، وشعاره في ذلك: "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه"، وذلك يجنب الداعية نفسه معارك جانبية كثيرة وصراعات، ويقطع مسافات كبيرة في طريق الاتفاق مع المخالفين.

مراعاة أصناف الناس
فالداعية يجد الناس أمامه أصنافًا عدة، منهم المؤمن بدعوته ورسالته، ومنهم المتحامل عليها، ومنهم المتردد في الإقبال عليها، لما يقال عنها من شبهات، ومنهم النفعي الذي ينتظر مغنمًا، ولكل صنف من هؤلاء جهد ودعوة خاصة، ولكن يبقى حرص الداعية على أن يبلغ دعوته إلى هؤلاء جميعًا.

دعوة للإسلام كافة
وهذا المعلم أيضًا مما يميز دعوة الإسلام عما سبقها، فقد أُرسل كل نبي إلى قومه ليعالج قضية معينة، ويدعو إلى فكرة واحدة، أما دعوة الإسلام فقد جاءت شاملة الجوانب كلها، وشعارها: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً? (البقرة: 208)؛ فهي دعوة إلى الإسلام الشامل؛ "دولة ووطن أو حكومة وأمة، وخلق وقوة أو رحمة وعدالة، وثقافة وقانون أو علم وقضاء، ومادة وثروة أو كسب وغنى، وجهاد ودعوة أو جيش وفكرة، وعقيدة خاصة، وعبادة صحيحة".

هذا هو الإسلام الذي يجب أن يدعو إليه الداعية، ولابد للداعية هنا أن يتمثل ثلاث نقاط هامة، هي:

أ - أن يؤمن بشمولية الإسلام أولاً، وأن الإسلام كلٌّ لا يتجزأ.

ب - أن يدعو لهذا الشمول بكل وسيلة ممكنة، وفي كل محفل من محافل الدعوة.

ج - أن يحقق التوازن والاعتدال في عرضه للإسلام، فيعطي كل جانب من جوانب الإسلام حقه في العرض والتبليغ للناس.