الأربعاء، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٠

إنا باقون على العهد



مقدمة
" قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين" هذه الآية ومثيلاتها من آيات القرآن كان لها ومازال دور عظيم في تربية الإخوان المسلمين حيث تبث فيهم أروع دروس الثبات على الطريق ومواصلة المسير والاستمرارية في البذل والعطاء والعمل المتواصل، حتى تلقى الله وهي على ذلك العهد الذي قطعته على نفسها بأن تفدي هذا الدين بأرواحها ودمائها وأموالها " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة" وذلك لإيمانهم بأن هذا هو الطريق الذي تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل’ وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، وزاد على المقداد بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم

لماذا باقون
إن الإخوان باقون على العهد امتثالا لقوله تعالى" وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم"، والإخوان باقون على العهد ثقة ويقيناً في سلامة المنهج وصحة الطريق الذي نسلكه، رغم الصعاب والمعوقات التي نلقاها على هذا الطريق وذلك استجابة لقوله تعالى"وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله "، والإخوان باقون على العهد لأنهم فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج، لا يحدده موضع، ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك لأنه نظام رب العالمين، ومنهاج رسوله الأمين، والإخوان باقون على العهد لأنهم ولا فخر ـ أصحاب رسول الله، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) ، والإخوان باقون على العهد حراساً أمناء على ثوابت هذه الدعوة المباركة، تقديراً لدماء الشهداء التي سالت على الطريق دفاعاً عن تلك الثوابت وتضحية في سبيلها، وتقديراً لكل من سبق على الطريق، والاخوان باقون على العهد مهما تجاوز الظالمون المدى ومهما تطاولوا في البنيان ومهما اشتد عودهم علينا وزاد بطشهم بنا، ومهما قست أقلام زبانيتهم في الإعلام على دعوتنا وقادتنا بالسب والشتم والتضييق والشبهات، وذلك التزاما بقوله تعالى " اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"

واجبات عملية
إنا باقون على العهد .. بأن يكون لنا ورد يومي من كتاب الله لا يقل عن جزء، وأن نحسن تلاوة القرآن و الاستماع إليه والتدبر في معانيه، وأن ندرس السير المطهرة و تاريخ السلف بقدر ما يتسع له وقتنا، و أن نكثر من القراءة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نحافظ على أداء السنن وأن نتقرب إلى الله بنوافل العبادة ومن ذلك صلاة الليل وصيام ثلاثة أيام من كل شهر على الأقل، والإكثار من الذكر القلبي واللساني، و تحرّي الدعاء في المذكور في كل الأحوال ، وأن نظل على وضوء غالب الأحيان وأن نحافظ على أداء الصلاة في أوقاتها وغي جماعة وفي المسجد ما أمكن ذلك .

إنا باقون على العهد .. بأن نكون صادقين فلا نكذب أبدأ، وأن نكون أوفياء بالعهد والكلمة والوعد ولا نخلف فيه مهما كانت الظروف، وبأن نمتلك الشجاعة والصراحة في الحق وكتمان السر والاعتراف بالخطأ والإنصاف من النفس وملكها عند الغضب، وألا ينسينا الغضب الحسنات وألا نغض الطرف عن السيئات ولا تحملنا الخصومة على نسيان الجميل ونقول الحق ولو على أقرب الناس إلينا وإن كان مراً

إنا باقون على العهد.. بأن نكون مدربين على العمل العام وتقديم الخدمات للأمة والمجتمع فنعود المريض ونساعد المحتاج ونحمل الضعيف ونواسي المنكوب ونبادر دائماً إلى فعل الخير، ونتحلى بالعفو والصفح واللين والحلم وحسن السلوك مع الناس جميعاً، نرحم الصغير ونوقر الكبير محافظين على الآداب الإسلامية الإجتماعية، وأن نؤدي حقوق الناس كاملة غير منقوصة، وأن نعمل على إحياء العادات الإسلامية وإماتة العادات الغريبة في كل مظاهر الحياة من لغة ولبس وطعام وشراب وأن نتحرى السنة المطهرة في كل شئ .

إنا باقون على العهد .. بأن نحافظ على فكرتنا من أي انحراف أو تشويه أو إساءة فهم، وألا نخدع بشبهات المبطلين حول دعوتنا وأن نبحر في فكر الإخوان قراءة ومطالعة وفهماً واستيعاباً، ثم دفاعاً عنه وعرضاً له على الآخرين وتقديمه في صورة حسنة وإقناع الآخرين به، وألا نستسلم لما يروج من أكاذيب وشائعات عن فكرتنا ودعوتنا

إنا باقون على العهد .. بأن نؤدي حقوق الدعوة علينا من بذل وتضحية بالمال والنفس والوقت، وأن نسهم بجزء من مالنا للدعوة وأن نؤدي ما علينا من زكاة مال، وأن نتجنب الاستغراق في الكماليات، فلن تقف الدنيا ومتاعها وزخارفها أمام القيام بأعباء الدعوة، ولن نغرق في بحر

إنا باقون على العهد .. بأن نجاهد أنفسنا حتى يسلس قيادتها، ومقاومة نوازع الغريزة في أنفسنا وأن نسمو بها إلى الحلال الطيب متجنبين الحرام بشتى أشكاله، بعيدين عن أقران السوء وأصدقاء الفساد وأماكن المعصية وأن نحارب أماكن اللهو وأن نبتعد عن مظاهر الترف، قد يصاب المرء بشئ من الانحراف الفكري أو الخلقي أو السلوكي نتيجة الضغوط الحياتية والمجتمعية والاعلامية ولكنه سرعان ما يعود إلى الله وإلى سبيله وصراطه المستقيم " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا "

إنا باقون على العهد .. بأن نعمل على نشر دعوتنا في كل مكان وأن نحيط قيادتنا علما بكل ظروفنا ولا نقدم على عمل يؤثر فيها جوهريا إلا بإذن، وأن نبقى دائمي الاتصال بقيادتنا ونعتبر أنفسنا دائما جنوداً في الثكنة تنتظر الأوامر، وأن نتخلى عن الاتصال بأي هيئة أو جماعة أو مؤسسة يكون الاتصال بها مضراً لدعوتنا وليس في مصلحتها وبخاصة إذا كانت تلك الجهات معادية لفكرتنا ومتصيدة لها الأخطاء، وأن نستصحب دائما نية الجهاد و حب الشهادة ونستعد لذلك ما وسعنا الأمر .

تلك هي واجبات دعوتنا التي يجب أن نلتزم بها ونحافظ عليها حتى نحافظ على عهودنا ونثبت على طريقنا

ختاماً
قد يترصد بنا الظالمون ويعتقلوننا ويشردوننا ويفتحون لنا السجون والمعتقلات ويحاكموننا ظلما وزورا أمام عسكرية جائرة، وقد تضيق السبل علينا وقد تسد المنافذ أمامنا وقد نحرم من بيوت الله ومن الاحتكاك المباشر بالمجتمع وقد نحرم من مجلس الشعب بالتزوير الفاضح والكيد الخبيث، وقد يشوهون صورتنا في الإعلام ويزيفون الحقائق عنا، وقد يحاولون شق الصف بإغراء البعض منا وخداعهم والسيطرة عليهم والتلاعب بهم، وقد تتطاول السنون وتتباعد السنوات ولم تحقق الدعوة أهدافها الاستراتيجية الكلية ومقاصدها العليا، ولكنا باقون على العهد ثقة في دعوتنا وصحة طريقنا، نحافظ على ثوابت جماعتنا وننصر دعوتنا ونحمي فكرتنا، ولن نتنازل عن الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولن نجر إلى وسائل واساليب ننكرها في دعوتنا، مهما حاربنا أعداء الدعوة بالشهوات والشبهات، فنحن على يقين من نصر الله مهما طال الظلم وتمادى الظالمون" إنا للنصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"

ونختم بوصية الإمام البنا " أيها الإخوان هذه منزلتكم، فلا تصغروا في أنفسكم، فتقيسوا أنفسكم بغيركم، أو تسلكوا في دعوتكم سبيلا غير سبيل المؤمنين ، أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسوله، بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات، وتذهب بها الحوادث والأيام، لقد دعوتم وجاهدتم، ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتا تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن، ووجوب النهوض للعمل، وتخليص الغاية لله، ودماء تسيل من شباب طاهر كريم في سبيل الله، ورغبة صادقة للشهادة في سبيل الله، وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون، فواصلوا جهودكم واعملوا، (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) .. والله غالب على امره والله أكبر ولله الحمد




الاثنين، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٠

الإخوان وعودة الروح

مقدمة

" إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" بهذه الكلمات وصى نبي الله يعقوب أبناءه وغرس فيهم روح الأمل وعدم اليأس، بعدما فقدوا الأمل في عودة أخيهم يوسف، وأصحاب الدعوات اليوم مطالبون ببث هذه الروح في النفوس وبخاصة هذه الأيام التي شهدت نوعاً من الانهزام النفسي الذي أعقب الانتخابات الأخيرة.


وقفة هامة

أخي الحبيب رفيق درب دعوتنا، وحامل رسالتها وناصر فكرتها وحارس بوابتها، أحببت أن أقف مع نفسي ومعك هذه الوقفة التربوية، نتبين من خلالها صدق انتمائنا ونستبين طريقنا، مسترشدين بقول ربنا " أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون " وقوله تعالى " أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين " وأبدأ هذه الوقفة ونحن نمر بهذه الظروف الصعبة علينا وعلى دعوتنا في تلك المرحلة الحرجة والحساسة في تاريخ أمتنا، ونقف مع هذه التساؤلات، هل انتابتك وأنت على الطريق لحظات ضعف ووهن، فأصبت خلالها بخيبة أمل، أو شعرت بهزيمة مبادئك، أو أحسست بفشل خططك وبرامجك الدعوية؟ وهل أحسست يوماً بتطاول الزمان دون تحسن للواقع المعاش ودون وصول الدعوة لأهدافها المنشودة؟ وهل غلبك يوما ًالإنطباع بجدوى الحصار الطويل والتضييق الشديد وتجفيف المنابع الذي تفرضه قوى الظلم والبغي على الدعوة ونجاحه في تحقيق أهدافه؟ وهل اعتادت نفسك على إلف الأعمال الدعوية فأصبحت تؤديها بشكل روتيني كأنك موظف في مصلحة؟ ... هذه الأسئلة وغيرها كثير، تكشف لنا عن أعراضٍ تنذر بفقدان الروح الإخوانية والإنهزام النفسي على طريق الدعوة، مما يعني حاجتنا الملحة إلى عودة الروح من جديد إلى صفنا الإخواني، فكانت تلك الوقفة.


روح جديد

إن حديثي معك أخي الحبيب، ليس حديث تنظير وجدال عقيم، إنما هو حديث عن تلك الروح التي بثها فينا المؤسس بقوله "ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم "، والتي ربانا عليها حيناً من الدهر أساتذة الدعوة ومرشدوها ومن سبقونا على الطريق ، فكانت ثمرتها تلك الروح التي دفعت الإخوان للتسابق من أجل الالتحاق بكتائب المجاهدين في فلسطين وشعارهم " وعجلت إليك رب لترضى"، والتي جعلت الإخوان يقدمون على البذل والتضحية بأغلى ما يملكون من أجل دعوتهم ووفاء ببيعتهم محققين قوله تعالى " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة"، والتي حفظت الإخوان أثناء المحن المتلاحقة الشديدة في قسوتها، والطويلة في سنواتها، والرهيبة في بطشها، فلم تلن لهم قناة ولم يصابوا بيأس ولا قنوط ولم تفلح وسائل الطغاة في تحقيق الانهزام النفسي لهم، مدركين حقيقة الابتلاء على الطريق لقوله تعالى" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"، والتي عصمت الإخوان من أن يخدعهم بريق الإعلام ووجاهة الساسة وإغراءات السلطة في كل وقت وحين .


فقدان الروح

· حينما يضعف الإيمان في قلوبنا ويغيب الفهم العميق لدعوتنا من عقولنا ونتخلف عن العمل المتواصل لدعوتنا، وحينما تتقدم الدنيا على الآخرة في أولوياتنا، وحينما تتصارع مصالحنا الشخصية مع مصالح الدعوة، وحينما نسلم زمام أمورنا لأهوائنا الشخصية، وحينما تتغلب علينا الأمراض الفتاكة" الشح المطاع والهوى المتبع والدنيا المؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه " فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما يقل تواجدنا بالمساجد ولا نهتم بالصف الأول فيه، ونكسل عن صلاة النوافل وصيام التطوع وختام الصلاة، وحينما يضعف تواجدنا في صلاة الفجر، وحينما نحصر المأثورات في أذكار الصباح والمساء فقط، وحينما نختصر أذكار الصباح والمساء على الوظيفة الصغرى أو قراءة الأذكار مرة واحدة فقط، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما ينجح الظالمون في كسر إرادتنا وإصابتنا بالإحباط، وحينما نركن إلى شبهاتهم المثارة حول دعوتنا وفكرتنا وقيادتنا، وحينما نسلم لهم فيما ينشر في إعلامهم ونصدقهم فيما قالوا ونتحرك به، وحينما نسقط في شرك ضغوطهم وتهديداتهم فنستسلم لهم ونقبل سيناريوهاتهم، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما يكون الانفصال كبيراً بين قولنا وفعلنا، وحينما يكون البون شاسعا بين ظاهرنا وباطننا، وحينما يكون التناقض قائما بين واقعنا وواجبنا، وحينما نتحرك بأقوالنا لا أفعالنا ، وبمظهرنا دون جوهرنا، فقد فقدنا الروح الإخوانية، واستحققنا قوله تعالى "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون "

· وحينما نبحث عن المغنم في دعوتنا سواء كان ماديا أو معنوياً، وحينما تصبح الأنا هي المسيطرة علينا بحثاً عن مكانة أو زعامة، وحينما تنحط اهتماماتنا وننغمس في شهواتنا، ونركن إلى الدنيا وملذاتها وتصبح الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا ويتحقق فينا قول ربنا " منكم من يريد الدنيا"، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما نفتقد المصداقية والواقعية في كتاباتنا وننظر دائما الى النصف الفارغ من الكوب ويكون تركيزنا على السلبيات، ونكثر من النقد لدعوتنا وقيادتنا، وحينما نغفل الإنجازات والإيجابيات ولا نحب الناجحين ونعمل دائما على تشويه صورتهم ونبحث دوماً عن نقائصهم، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما يكون كلامنا بلا روح وإن كان عظيما في بيانه وسحره، وحينما تكون آراؤنا انهزامية تدمر الروح في الصف، وحينما تكون أفكارنا هادمة لثوابت الدعوة بحجة التعبير عن الرأي، وحينما تسيطر علينا الأماني الكاذبة وأحلام اليقظة، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما يزداد انجذابنا إلى الأرض والطين فتضعف الروح وتصاب العزائم بالوهن، ويصبح هم الواحد منا هو كيفية تحصيل أسباب الحياة المريحة له ولأبنائه، وينعكس ذلك على محيطه الدعوي بالسلب، ويصبح أداؤه أداء روتينيا يفتقد الحماس والروح، وحينما نتحين كل فرصة للهروب من القيام بأعمال الدعوة، وحينما نبخل على دعوتنا بالمال والنفس والوقت والحياة فقد فقدنا الروح الإخوانية

· كل ذلك وغيره يمكن أن يكون له أثر في إضعاف الروح الإخوانية عند العاملين للدعوة وللإسلام


آثار غياب الروح

إن غياب الروح الإخوانية له آثار شتى على الفرد والجماعة ومن ذلك :

· زيادة أعداد البطالة الدعوية وقلة عدد من يحملون هم هذا الدين وقلة عدد من يعمل على انقاذ نفسه وأمته من حوله، وكثرة المتربصين الباحثين عن السقطات والزلات، وكثرة الناقدين الجارحين

· تحول الأخ العامل في حقل الدعوة من كونه صاحب هم دعوي الى مستأجر وموظف يؤدي وظيفة، فيكون اداؤه للأعمال بلا روح، ينتظر دوما موعد الانصراف، يفرح كلما جاءت الاجازات ويحزن كلما زادت الأعباء، وبالتالي يزداد عدد الموظفين ويقل عدد أصحاب الهم فتتأخر الدعوة وإن بدت كبيرة، وتتأخر المهام وإن كانت الأعداد هائلة لأنها بلا روح، حينئذ تكثر أعداد الموظفين ويقل عدد العاملين، حينئذ يكثر الكلام والتنظير والجدال العقيم ويقل التطبيق والعمل، حينئذ نجد العمل بلا ثمرة والجهد بلا أثر

· تأخر النصر من الله، وتعطيل ركب الدعوة، وتخلف المشروع الحضاري الإسلامي، وعدم تحقق الأهداف المرجوة، وفقدان التأثير في المجتمع من حولنا، وعدم التفاف الأنصار حولنا

· شيوع روح الانهزامية والرضا بالواقع والانبهار باي تجربة تنجح ولو نجاحا جزئيا في بعض معالم الدين وان تخلت عن بعض ثوابته من ناحية اخرى، وهو انبهار يعكس الضعف والوهن الذي أصاب القلوب وجعلها تستطيل الطريق وترضى باي نجاح ولو كان زهيدا، وتقبل بأي حلول جزئية وأي تغيير سطحي

· فرض واقع المنهزمين على من حولهم والاجتهاد في تبرير ما يرونه برأيهم وما يفعلونه، رافعين في ذلك شعارات قد تقنع الاخرين وتدفعهم لتقليدهم في استرخائهم وانشغالهم بمصالحهم الشخصية على حساب العمل الدعوي مرددين( مصلحة الدعوة تقتضي ذلك – نحن جزء من مجتمع مريض – الزمان تغير ولابد من تغيير الوسائل) والكثير من التاويلات التي يتم تأويلها على غير وجهها الصحيح فيؤدي ذلك الى مزيد من الاستسلام للواقع


لابد من عودة

إن عودة الروح الإخوانية تتمثل في التزامنا بالقرآن والسنة ورسائل البنا في مناهجنا التربوية وخطواتنا العملية الحياتية والدعوية، والعودة من جديد إلى عهد المأثورات، وتتمثل في عودة تربية الزمن الجميل، وإن عودة الروح الإخوانية تتمثل في إيماننا بالدعوة التي ندعو الناس إليها وحمل همها والشعور بالخوف عليها إذا أهملنا في حقها، وفي قوة الحب للدعوة والإخلاص والتجرد لها والتضحية في سبيلها، وفي غلبة الروح فينا وأن تملك الدعوة قلوبنا وأفكارنا وتقهر شهواتنا وتذوب شخصياتنا، وحينما تكون ألسنتنا وكتاباتنا ومشاعرنا وأحاسيسنا تنطق بالدعوة وللدعوة في حرقة وشفقة ورغبة.

وإن عودة الروح الإخوانية تكون بمراجعة النفس وتبين حقيقة المسير والتثبت من صحة الطريق وتحسس مواضع الأقدام وتلمس علامات الطريق ومنارات الهدى، كي لا يضل الإخوان طريقهم ولا ينحرفوا عن جادة مسيرهم، وتكون بأن نتلمس سلوكياتنا ونجدد عهدنا بتجديد ايماننا ونصحح مسيرتنا بحسن أخلاقنا، وبأن نكون دعاة يتكاملون لا يتشاكسون يغوصون في الأعماق ولا يكتفون بالسطحيات، يصححون للناس مسارهم ويكونون قدوة لهم

إن عودة الروح الإخوانية هي واجب الوقت الذي يجب أن ينشغل به المربون مع إخوانهم في مثل هذه الظروف التي تمر بها الدعوة دوماً، ونختم بمقولة الإمام الشهيد حسن البنا "إن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ ما ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس والإرادات، وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما يقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة، وإني أعتقد – والتاريخ يؤيدني – أن الرجل الواحد في وسعه أن يبني أمة إن صحت رجولته، وفي وسعه أن يهدمها كذلك إذا توجهت هذه الرجولة إلى ناحية الهدم لا ناحية البناء . " هذه هي الروح الإخوانية التي نريدها، هيا بنا نعيدها لدعوتنا وجماعتنا، والله غالب على أمره، والله أكبر ولله الحمد .

الجمعة، ٢٦ نوفمبر ٢٠١٠

سيناريوهات اللحظات الأخيرة لانتخابات 2010

سيناريوهات اللحظات الأخيرة لانتخابات 2010
1-3

الإنتخابات البرلمانيه في مصر لها قواعد وتقاليد راسخة اعتاد الناس عليها، قد تمثل بعضها صوراً سلبية سادت المجتمع وبعضها الآخر يعبر عن إيجابية حقيقية كامنة في هذا الشعب، وكي نقف على سيناريوهات اللحظات الأخيرة في تلك الانتخابات ونحن على مقربة من إغلاق الستار عليها، لابد من تقسيم هذه السيناريوهات وفق معطيات اللعبة السياسية والقوى النافذة فيها ، وسنبدأ في الحلقة الأولى بالنظام الحاكم حيث يمثل القوة الرئيسية في لعبة الانتخابات بما يمتلكه من مقدرات الدولة وأجهزتها الأمنية والتنفيذية والتشريعية والاعلامية .. إلخ


النظام الحاكم :
  • الاستمرارية على النهج الذي اعتمده في انتخابات هذا العام بناء على الخبرات التي استقدمتها لجنة الساسيات من بريطانيا في مجالين على وجه الخصوص( الدعاية والاعلام - إدارة العمليات القذرة) وهذا ما نجح فيه الحزب حتى الآن بما قام به من العمليات القذرة طوال مراحل العملية الانتخابية
  • بقاء ملف الانتخابات في أيدي وزارة الداخلية والعزل التام للجنة العليا للانتخابات وإبقاء عملها بشكل صوري فقط
  • إصرار الحزب في الحصول على ما لا يقل عن 85% من مقاعد المجلس بما في ذلك حصة الكوتة الخاصة بالمرأة، بما يعني بقاء حصة 15% فقط توزع على المستقلين وأحزاب المعارضة مثلما حدث في انتخابات الشورى السابقة ، مع إصرار النظام على إبعاد الإخوان تماماً عن المجلس القادم
  • غض الطرف تماماً عن كل الأحكام القضائية التي كسبتها المعارضة والمستقلون والإخوان وعدم تنفيذها مهما كانت الأسباب
  • الإصرار التام على غياب الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات حيث من المتوقع إشراف 500 قاض فقط على اللجان العامة بدلا من 7500 قاض أشرفوا على انتخابات 2005، إضافة إلى أن معظم القضاة المحددين للإشراف سيكونون من المقبولين لدى النظام مع انسحاب القضاة المستقلين عن الإشراف على تلك الانتخابات نظرا لشبهة التلاعب بها الواضحة لدى العيان
  • الإصرار التام على عدم وجود المراقبة الدولية على الانتخابات رغم ومن ثم رفض مراقبة مؤسسات المجتمع المدني المحلية أيضا ، ورفض دخول الإعلام والصحفيين المستقلين اللجان الانتخابية وبخاصة ذوي النوايا السيئة للنظام
  • إنهاء العملية الانتخابية عبر مراحلها المختلفة وقبل بدء اليوم الانتخابي بحيث يأتي اليوم الانتخابي وقد حسمت الأمور بشكل كبير، وإلا كانت عملية الضربة القاضية في يوم الانتخابات
سيناريوهات يوم التصويت: ويسمى يوم الضربة القاضية، حيث يسعى النظام بعد ما قام به من إجهاد وإجهاض لكل محاولات المعارضة خلال المراحل السابقة، وأهم ما سيقوم به النظام في ذلك اليوم:
  1. الاستعانة بالبلطجية والمجرمين(المسجلين خطر)، وتكليفهم بإرباك المعارضة وعلى رأسهم الإخوان وافتعال مشكلات معهم، وتخويف أنصارهم، ومنع وصول أحد إلى اللجان الانتخابية
  2. الإصرار على إتمام اليوم الانتخابي بلا وكلاء ولا مندوبين للمرشحين الغير مرغوب فيهم وبخاصة الإخوان
  3. الغلق التام لكل المناخات المسموحة وغير المسموحة أمام الإخوان وغيرهم لدخول اللجان الانتخابية في يوم الانتخاب
  4. فرض حظر التجوال غير المعلن من صباح اليوم وحتى السادسة مساء في مسافة 2 كيلو متر حول كل لجنة انتخابية ، وبسط سيطرة الأمن وبلطجية النظام على تلك المساحات المحددة بما لا يسمح بمرور أحد ناهيك عن دخول اللجان، إلا من يحملون هوية الحزب الحاكم
  5. مرحلة بديلة تتمثل في عمل طوابير وهمية طويلة لا تنتهي ولا تمضي قدماً أمام اللجان لتعطيل العمل وعدم دخول غير المرغوب فيه حتى انتهاء الوقت
  6. مرحلة التصويت الجماعي والباصات الجماعية والبطاقة الدوارة والتي قام النظام بتزويرها من اجل إتمام عملية التصويت المزور لصالحه وتتمثل في بطاقات للوفيات وبطاقات لغير قاطني الدوار الانتخابية وبطاقات لموظفي المصالح الحكومية فيما يسمى بالتصويت الإجباري
  7. مرحلة ما يسمى بـ (تقفيل اللجان) من خلال منع الناخبين من الوصول لمقار التصويت، والتي تبدأ من الثامنة صباحا وحتى الخامسة مساء
  8. مرحلة ما يسمى بـ(تسويد البطاقات) هي من أشهر طرق تزوير الانتخابات،وهذه لها أشكال عدة، دوائر العصبيات والعائلات الكبيرة حيث يتم التصويت فيها نيابة عن كل أفراد العائلة مرة واحدة، وفي الدوائر الأخرى يتم التسويد للبطاقات بعد الظهر بتدخل ضباط أمن الدولة شخصياً بعد إخراج المندوبين من اللجان، وبتعاون تام من موظفي ومشرفي لجنة التصويت
  9. مرحلة تبديل الصناديق عند نقلها ومن خلال قطع التيار الكهربائي عن اللجان وذلك خلال فترة نقل الصناديق أو بداية الفرز أو عند إعلان النتائج من العبث بالصناديق، أو استبدالها بالكامل بصناديق جديدة، أو استبدال كشوفات النتائج بأخرى
  10. مرحلة تغيير النتيجة وتعد آخر محاولات النظام لبسط سيطرته على العملية الانتخابية حتى تخرج بالشكل الذي يريده، فإن فات أحد من كل المحاولات السابقة تأتي تلك المرحلة لتكون القاصمة له بإعلان فوز مرشح على حساب آخر زوراً وبهتاناً كما حدث في 2005
  11. محاولة إنهاء غالبية النتائج في المرحلة الأولى، والإعادة في بعض الدوائر بين مرشحين يمثلون الحزب الحاكم بقسميه الرسمي والمستقل أو بعض رموز أحزاب المعارضة المرغوب في وصولهم للمجلس.


الخميس، ٢٥ نوفمبر ٢٠١٠

حملة أمل الأمة لجمع 100 ألف دعوة على الظالمين والمزورين

دشن موقع أمل الأمة – الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية – حملة الكترونية لجمع 100 ألف دعوة على الظالمين والمزورين .
وجاء في بيان لإدارة الموقع : رسالتنا إلى الظالمين والمزورين الذين يسرقون إرادة الأمة لحساب حفنة من الأشخاص الذين أهدروا ثروات الشعب وزادوا من فقره وأهدروا كرامته وساعدوا نواب القروض والعبارات والمحتكرين للسلع والمستولون على أراضى الدولة حتى وصل الحال بنا إلى 7 مليون عاطل و9 مليون عانس و31 مليون أمي و6مليون مريض بالسرطان والفشل الكلوي والكبدي و34 مليون مواطن تحت خط الفقر و45 مليون مواطن بدون خدمات الصرف الصحي .
نقول لهم أن دعوات المرضى والفقراء والمظلومين ليس بينها وبين الله حجاب وان الله عز وجل قال في حقها " وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين " وأن دعوات المظلوم لا ترد .
وأضاف البيان : نقول للمزور أفعل ما شئت كما تدين تدان ونذكرهم بمصائر الظالمين المزورين على مدار الزمان حتى يكونوا لهم عبرة وعظة

وقع الآن
http://amlalommah.net/signs

نداء للأمة من المرشد العام للإخوان المسلمين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد؛
فها نحن- شعبنا المصري الكريم- على بُعد ساعاتٍ من الثامن والعشرين من نوفمبر، الذي نرجو أن يكون مناسبة وطنية للإصلاح في مصرنا العزيزة من خلال التحرك الشعبي الإيجابي لدعم مرشحي الإصلاح من الإخوان المسلمين والقوى الوطنية الحرة الحريصة على النهوض بهذا الوطن الغالي وحمايته من عبث المفسدين، ويرى الجميع كيف يستغل النظام المستبد جهاز الأمن الوطني في الاعتداء على الأحرار الشرفاء وحماية البلطجية الذين يثيرون الفتن في الأمة، بدلاً من قيام هذا الجهاز الوطني بحماية الوطن والمواطنين، وضمان إجراء انتخابات نزيهة تُعبِّر عن إرادة الشعب المصري بحق وصدق.

ومع كل المعوقات التي يضعها النظام أمام تحقيق انتخابات حرة ونزيهة؛ فالإخوان ثابتون على مبادئهم، ماضون في طريقهم لخدمة هذا الشعب الكريم لكل وسائل النضال الدستوري والسلمي البعيدة تمامًا عن ممارسة كل أشكال العنف، واثقين من أن التوفيق من عند الله، ومضحين براحتهم في سبيل سعادة أمتهم ووطنهم، بلا يأس ولا إحباط، مستمدين من الله العون والتوفيق، ومن الشعب الكريم الذي يؤازرهم الثبات والتأييد، قائلين لكلِّ مَن يدعوهم للتخاذل أو يتوقع منهم التراجع أمام البطش الحكومي ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (الأعراف: من الآية 164).

يحصل ذلك كله في مصر في الوقت الذي يسابق الصهاينة فيه الزمن لتثبيت الاحتلال البغيض لأرضنا ومقدساتنا في فلسطين ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (الأنفال: من الآية 30).

ولهذا فإني أدعو كل الإخوان المسلمين والشعب المصري إلى الثبات في هذا الميدان الذي ارتضيناه سبيلاً وحيدًا للإصلاح السلمي الدستوري، وعدم الانجرار إلى أي استفزاز، والنشاط في دفع الأمة كلها في كل الدوائر نحو المشاركة الإيجابية في الانتخابات وحماية إرادتها الحرة بكل حرص ودأب، وإحياء الأمل في توفيق الله للمخلصين في تحقيق الإصلاح المنشود لهذا الوطن العزيز.

دعوة للصيام والقيام والدعاء:
وإضافةً إلى اتخاذ كافة الأسباب لذلك فإنني أدعو شعبنا في مصر، وفي العالم الإسلامي إلى صيام يوم غد الخميس اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والتماسًا لنصرة الحق والإصلاح، وإلى زيادة التقرب إلى الله بالطاعات، وبخاصة صلاة الليل والدعاء بالأسحار بأن يكشف الله هذه الغمة عن الأمة، وأن يوفق المصلحين في مساعيهم لخدمة الأمة والوطن، وأن يكفي مصر الغالية والمصريين جميعًا شرَّ الفتنة، ويحميها من كيد شياطين الإنس والجن الذين لا يريدون بها خيرًا، وأن يحفظ أقصانا وإخواننا في فلسطين الحبيبة من كيد الصهاينة.

وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه "لا يرد القضاء إلا الدعاء" وأن دعوة المظلوم مستجابة، وأيقن المخلصون من هذه الأمة أن دعاء السحر سهام القدر ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج: من الآية 40).. والله أكبر ولله الحمد.

أ.د. محمد بديع
المرشد العام لإخوان المسلمين

الأربعاء، ١٠ نوفمبر ٢٠١٠

أحبابي بأرض النيل اشتقت إليكم


أعود للكتابة والتدوين من جديد بعد توقف دام ستة أشهر لظروف خاصة
وانتابتني مشاعر كثيرة عند الكتابة
بما أبدأ ؟ وعن ماذا أكتب ؟
وخاصة وأن المرحلة السابقة التي توقفت فيها عن الكتابة كانت حافلة بالأحداث التي تستوجب التفاعل معها
واليوم وبعد حوار مع أحب الناس إلى قلبي رفيقة دربي وشقيقة قلبي زوجتي الحبيبة نويت العودة للكتابة وقطع فترة التوقف تلك
وأحببت أن أبدأ الكتابة ببث مشاعر الحب والشوق والحنين إلى الأحباب الذي عشت معهم سنة من عمري كانت حافلة بالكثير من المشاعر الفياضة والعلاقات الوطيدة والأعمال والفعاليات الدعوية والتربوية
إلى الأحباب في أرض النيل ومنبعه الصافي
إلى الأحباب في أم درمان والخرطوم وبحري
إلى الأحباب في كل مكان من أرض السودان
اشتقت إليكم .. ووحشتوني
فقد عشت معكم أياماً من عمري لا ولن أنساها
تقربت إليكم وعشت معكم وبينكم
وجدت فيكم العوض عن فقداني الأهل والأحباب

فلا تنسوني من صالح دعائكم
بحاجة إلى التواصل الدائم معكم


الأربعاء، ٥ مايو ٢٠١٠

إن ربي لطيف لما يشاء



تمر بالإنسان مواقف وأحداث في يومه وليله، ويجهل المرء أن تلك المواقف والأحداث هي قدر الله النافذ، يسوق الله من خلالها الأقدار المؤلمة التي ترقيه، وترفع من قدره عند ربه، وهذه المواقف وتلك الأحداث ما هي الإ دليل عملي على صحة إيمان العبد وبها يتحقق الركن السادس من أركان الإيمان " أن يؤمن بالقدر خيره وشره"، وبها يتحقق قوله تعالى " لكي لا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم" ومن هنا فلا ينفك قدر الله من لطفه ، وأي قدر يتنزل بالإنسان سيجد فيه شيئا من لطف الله لا محالة، تذكرت ذلك بعد مرور سنة كاملة وأنا أعيش اغتراباً قهرياً فرضه علينا نظام ظالم مستبد حال بيني وبين اهلي وأولادي وأحبابي، فكانت هذا الكلمات اعترافاً بفضل الله ولطفه بنا .


إن ربي لطيف لما يشاء: تتجلي في قصة يوسف الصديق عليه السلام واضحة جلية، حاملة العديد من الدروس التربوية، ولكننا نقف هنا مع درس لطف الله له وبه، فرغم ما تعرض له في حياته من مواقف وأحداث جسام لا يقوى على تحملها إلا أولو العزم وأصحاب الهمم العالية، إلا أننا نجده يعلمنا ذلك الدرس في التعامل مع قدر الله والنظر إليه بعين الحكمة فقال لنا بعد تعرضه لتلك المواقف كلها "وقد أحسن بي إذ اخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء" لم يذكر محنة دخوله السجن ولكن ذكر نعمة الخروج منه بعد الحبس، ولم يذكر محنة الاغتراب عن الأهل والعشيرة ولكن ذكر نعمة جمعه بأهله وإخوته، ولم يذكر محنة تعرضه للقتل من قبل إخوته وتآمرهم عليه، ولكنه نسب ذلك إلى نزغ الشيطان، إنها قمة التربية اليوسفية التي شعر خلالها يوسف عليه السلام بلطف الله عليه حينما سخر له الأسباب الخارجية التي حولت المنحة إلى لطف من الله.


إن ربي لطيف لما يشاء: فقد حال الظلم بيني وبين أهلي وأولادي فكان اغترابي عنهم فرصة مناسبة لهم لتقوية الوازع الإيماني في نفوسهم، وزيادة صلتهم بالله، وتربية لهم على خوض مصاعب الحياة وعدم الاستسلام لها، والوقوف على ما في النفس من قدرات كامنة لا تظهر إلا وقت المحن، وفرصة للتعرف على معادن الناس وأصنافهم عن قرب، ولله در القائل : جزا الله الشدائد كل خير .. تعرفني عدوي من صديقي.


إن ربي لطيف لما يشاء: وقد حال الظلم بيني وبين حضور فرح ابنتي، فكان قدر الله لها أفضل من وجود أبيها بجوارها، وأكرمنا ربنا بفضله الواسع من حيث لا نحتسب، وتم زواجها من غير حول مني ولا قوة وتحقق قوله تعالى" الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز" فهو سبحانه يلطف بنا من حيث لا نشعر ويهيئ مصالحنا من حيث لا نحتسب، ويقضي حوائجنا ويصرفها كيفما شاء وعلى غير ما يتوقع الإنسان.


إن ربي لطيف لما يشاء: وحال القهر والاستبداد بيني وبين أولادي في مذاكرتهم وامتحاناتهم ، فكان فضل الله ولطفه بهم أن نجحوا وتفوقوا، فشعرت بالقوة الإيمانية التي تغرسها فينا الآية الكريمة" وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديداً" فكان لطف الله بنا في غربتنا أن أصبح الأبناء رجالا في غيبة والدهم، وعاشوا المحنة على خير ما يكون،


إن ربي لطيف لما يشاء: فهو سبحانه يوصل إلينا مصالحنا وما يفيدنا بالطرق الخفية، ولطف الله بالعبد تارة يكون لطفاً به وأخرى يكون لطفاً له، فإذا يسر الله لعبده وسهل له طرق الخير وأعانه عليها فقد لطف به ، وإذا قيض له أسبابا خارجية غير داخلة تحت قدرة العبد فيها صلاحه فقد لطف له، قال الإمام الغزالي في اسم الله اللطيف : " هو من يعلم حقائق المصالح وغوامضها ثم يسلك في إيصالها إلى مستحقها سبيل الرفق دون العنف".

إن ربي لطيف لما يشاء: مدرسة في التربية الإيمانية بأن الله يصرف الأمر بلطفه ويقضي فيه بحكمته، فهو سبحانه يمنع الرزق عن عباده رحمة بهم، ويبتليهم بالمصائب رأفة بهم، هي أنوار اللطف الرباني في وسط أستار وظلمات المصائب التي تتنزل بالعباد، ولا يشعر بذلك إلا من عرف ربه حق المعرفة، وصدق الحبيب صلى الله عليه وسلم " لا يجد أحدكم طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه "، مما يعطينا دفعة إيمانية في أن نعيش حياتنا بعزة وقوة وانتساب إلى المولى سبحانه وتعالى " ابتغوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير ".


إن ربي لطيف لما يشاء: فهو لطيف في بلائه وفيما يختار لنا من بلاء، وهو لطيف في القضاء والقدر، يقدر علينا أنواعاً من المصائب، فيوفقنا للصبر عليها ويغرس فينا روح الرجاء فيه وانتظار الفرج منه، ويجعلنا متعلقين به سبحانه دعاءً ونداءً واستغاثةً، فتنشأ فينا قيم تربوية جديدة لم تكن موجودة من قبل وهذا من لطفه بنا، فقد كان الاغتراب قهراً وظلماً :( فاتحة خير لاكتساب العديد من القيم التربوية والمهارات الدعوية، وزيادة بنك الخبرات والعلاقات الإنسانية، وفتحاً لأبواب خير كثيرة ما كان لها أن تفتح إلا من خلال تلك الغربة، وتعرفاً على مجالات عمل واسعة وآفاق جديدة) .


فيارب ما ألطفك بنا، وما أعدلك في قضائك الواقع بنا، وما أرحمك فيما تبتلينا به من بلاء، وما تنزل علينا من مصائب، قد لا نرى فيها خيراً ولا بذرة أمل، ولكننا نكتشف بعد حين أن فيها الخير كله والفضل كله واللطف كله، فيارب لك الحمد كله ولك الشكر كله، " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" .

الأحد، ١٧ يناير ٢٠١٠

هنا يُسطر التاريخ بأحرف من نور



تهيئة

من هنا يُسطر التاريخُ وتُكتب أروعُ صفحاته في العصر الحديث، حينما اقتربت عقارب الساعة من صباح يوم السبت، تشير إلى العاشرة والدقيقة التاسعة والخامسة، فتوقف التاريخ وحُبست الأنفاس واشرأبت الأعناق وأنصتت الآذان وتطلعت الأعين، لتلك اللحظة الحاسمة التي تشهد الحدث الأهم في تاريخ الدعوة، إنها الدقيقة الفاصلة التي تفصل بين مرحلتين هامتين، مرحلة الانتقال من قيادة أكبر حركة إسلامية في العصر الحديث إلى الجندية التامة خلف قيادة جديدة سيعلن عنها بعد قليل، في صورة لم يعهدها التاريخ ولا الجغرافيا، هاهو فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي عاكف يتقدم إلى المنصة وأمامه الحشد الهائل من الصحفيين والمذيعين والإعلاميين من هنا وهناك، يبدأ مؤتمره الصحفي العالمي الذي دعا إليه، ليكون آخر مؤتمر يدعو إليه كقائد لهذه الدعوة، يتقدم في ثقة ويبدأ كلمته ويعلن في هدوء وسكينة وثقة وطمأنينة عن نهاية عهده الذي قاد فيه الدعوة بحكمة وحنكة الشيوخ وحماسة الشباب، ويعلن الأستاذ عاكف عن المرشد الجديد لجماعة الإخوان المسلمين، وفور إعلانه ونطقه باسم المرشد الجديد، يبادر ليكون أول من يبايعه على السمع والطاعة في هذه الدعوة المباركة، ويلتفت إليه مبايعاً له ومسلماً راية الدعوة، إيذاناً بانتهاء قيادته وعودته جندياً في صفوف الإخوان يسمع ويطيع لقيادته الجديدة، مجسداً لنا صورة رائعة من التجرد والزهد والتخلص من حظوظ النفس المشروعة .


تجسيد عملي

لقد عاش الإخوان عهوداً متكاملة وأزمنة عديدة بفضل من الله في ظل قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، وفي ظل قوله صلى الله عليه وسلم : زكونوا عباد الله إخواناً" ، وعاشوا في ظل دعوتهم المباركة على قيم ومعاني الانتماء الصافي والطاعة الواعية، وجسدوا الإسلام في أروع صوره من خلال ممارساتهم العملية، وفي قمة هذا التجسيد العملي للإسلام يأتي المرشد العام السابق الذي أراد أن يعطينا صورة غير مسبوقة وعلامة فارقة في تاريخ الدعوة بإعلان مبادرته بالاكتفاء بفترة ولاية واحدة فقط، وترك القيادة وهي بين يديه طائعة ، في خطوة جريئة وشجاعة تحسب له، فتحت مجالاً رائعاً لتجسيد التداول السلمي للسلطة وإعمال مبدأ الشورى في أروع صوره وتجديد الحيوية داخل الجماعة، ومما أعطى انطباعاً مغايراً عما يثيره البعض حول الإخوان وفكرهم، وبما يدل على أن الإخوان كجماعة تتطور، وأن مؤسساتها تتقدم في ثقة نحو مستقبل أفضل بإذن الله .


صورة خالدة

لن ينس التاريخ تلك الصورة الرائعة التي جمعت بين اثنين من المرشدين لأول مرة في تاريخ دعوة الإخوان، تلك الصورة التي تناقلتها وسائل الإعلام وبثتها القنوات الفضائية ونشرتها الصحف والمجلات، في واحدة من اللقطات النادرة التي لم يكن معهوداً وجودها، حيث كان كل مرشد يأتي بعد وفاة المرشد السابق، ولكن الصورة هنا التقطت للمرشد السابق وهو يصافح المرشد الجديد ، صورة الأسد الجسور الأستاذ مهدي عاكف آخر رجال جيل البنا المؤسس وهو يسلم الراية في ثقة واطمئنان لابنه الذي كان جندياً له بالأمس، في أروع صور الانضباط والانتماء داخل هذه الجماعة ، في مشهد رائع أنسانا ما وقع في قلوبنا من حزن وهم بسبب مغادرة الأستاذ عاكف قيادة الجماعة، ولكن الصورة عبرت لنا عن فرحتنا وفخرنا بهذه الدعوة الولودة المعطاءة، إنها صورة التسليم والتسلم بين القيادتين والأستاذين الجليلين في سلاسة وهدوء، ونقل الأمانة من جيل إلى جيل، والتي تؤكد على أصالة الدعوة وانتصارها على كل ما أشيع عنها من تساؤلات وقلق خلال الأيام الماضية، هذه الصورة التي تعد وسام فخر وعز على صدر الإخوان، و قمة النضج الشوروي و الترابط التنظيمي عند الإخوان .


صورة أخرى

وفي المقابل تناقلت وسائل الإعلام صورة أخرى لا تقل في روعتها عن الصورة الأولى ، حينما تصافح الرجلان القائدان، فما كان من المرشد العام الجديد بعدما تسلم الراية من قائده السابق إلا أن يقبل رأسه، تلك القبلة التي حملت الكثير من المعاني التربوية والأخلاقية والسلوكية في جماعة الإخوان، إنها قبلة الاعتراف بالجميل لمن سبق على الطريق، إنها قبلة الوفاء لقائد معطاء، إنها قبلة مراعاة وداد لحظة والانتماء لمن أفاد لفظه، إنها قبلة الحب والتقدير والاحترام، إنها قبلة نكران الذات أمام القمم السامقة في هذه الدعوة، إنها قبلة الشكرو الثناء على ما قدم لهذه الدعوة خلال فترة قيادته لها، إنها قبلة التلميذ لأستاذه، وقبلة الإبن لأبيه، وقبلة المريد لشيخه ، وقبلة الجندي لقائده، إنها قبلة الانتماء في دعوة الإخوان وما أروعها من قبلة، وحق لنا أن نهتف بأعلى صوتنا فخراً بدعوتنا وقادتها ورجالها " صمت أذن الدنيا إن لم تسمع لنا" ولله در الشاعر :

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع


مناجاة

اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك، والتقت على طاعتك، وتوحدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك، فوثق اللهم رابطتها، وأدم ودها، واهدها سبلها، واملأها بنورك الذى لايخبو، واشرح صدورها بفيض الايمان بك وجميل التوكل عليك، وأحيها بمعرفتك، وأمتها على الشهادة في سبيلك، إنك نعم المولى ونعم النصير .. والله اكبر ولله الحمد .