الخميس، ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٨

همسات تربوية للزوجة الداعية


تهئية

إن من أعظم نعم الله تبارك وتعالى على المرأة المسلمة أن يمنَّ عليها بزوج داعٍ إلى الله يجعل منها عونًا له على طاعة الله ورضاه ورفيقة دربه حتى تشاركه الأجر، فهنيئًا لتلك الزوجة الحسنات التي تحصل عليها بكل كلمة ينطق بها زوجها، وبكل خطوة يخطوها في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، وبكل موعظة أو نصيحة يقوم بها، وبكل لحظة يقضيها من ليل أو نهار في دعوة فهي شريكة له في أجره كله صغيرا كان أو كبيرا، ومن تمام النعمة أن تعمل هي أيضاً في حقل الدعوة إلى الله فتكون داعية إلى الله بجوار زوجها ،ولكن كيف تنال الزوجة الداعية ذلك الأجر ؟ وكيف تحقق المرأة المسلمة الملاءمة والمواءمة بين الوظيفة الدعوية وما تتطلبه من بذل وصدق وهمة وهجرة وقيام وشهود بالقسط،، وبين وظيفة البيت وما تقتضيه من صلاح ورعاية ومسؤولية؟ كيف توازن المرأة المسلمة بين واجبات دعوة مدعوة هي إلى حمل رسالتها إلى الناس، وبين متطلبات بيت مسؤولة هي عن أهله تربية ورعاية ومعاشرة وحسن خلق؟ كيف لها أن تجمع بين صناعة الأجيال في المجتمع و بناء النفوس في البيت ؟ وهل يمكن أن توفق الزوجة الداعية بين تلك الأمور ؟ إجابة تلك الأسئلة ومعالجة الخلل الواقع فيها ، يأتي في هذه الهمسات التربوية .


نظرة تاريخية

منذ نشأة قسم الأخوات المسلمات في الجماعة ، والأخوات يقُمْن بدورٍ كبيرٍ ألا وهو الإسهام مع الزوج في إقامة بيتٍ مسلمٍ بكل ما تحويه الكلمة من معانٍ، من حيث هيمنة الإسلام على كل ما يدور في البيت، في علاقة الأخت بزوجها ورعايتها له، وحُسن معاملتها لأهله، وحفاظها على ماله، ثم القيام برعاية الأبناء الرعاية السليمة التي تكفل إخراج نماذج سوية ومتفوِّقة للمجتمع، تتميز بتمسُّكها بدين الله عز وجل، وسَيرها على درب الأبَوَين، ثم تقوم الأخت بعد ذلك بدورها الدعويِّ مع الأهل والجيران بما لا يؤثِّر على بيتها ومسئولياتها المتعددة، وكتب الإمام الشهيد رسالة المرأة المسلمة والتي تعد من أوائل رسائله، لتوضح لها مهمتها ورسالتها ، فكان لها دور كبير داخل الجماعة بما يتناسب ما تكلف به من أعمال وطبيعة تكوينها وواقع مسئولياتها الاجتماعية، ولقد كان للأخوات دور كبير في الحفاظ على دعوة الإخوان، خاصةً في فترات الأزمات التي مرت بالجماعة وعلى رأسها الفترة من أواخر الأربعينيات إلى بداية السبعينيات.


تحول جذري

كان هذا هو النهج الذي سارت عليه الأخوات المسلمات، حتى ظهرت مواقف وسلوكيات نحسب أنها صدرت عن أخوات لا ينقصهن صدق التوجه وإخلاص النية ونقاء الطوية وسلامة الدافع، إنما قد ينقصهن القدرة على التفرقة بين "الضرورات التي تبيح المحظورات" أو قد ينقصهن مظاهر المحاذير الشرعية لتفاديها ، أو قد ينقصهن المعرفة التامة بفقه الأولويات، هي ظواهر متعددة ومتنوعة طَرَأت على فهْم الأخوات المسلمات لدورهنَّ في الحياة وعلى سلوكهنَّ نحو الأزواج والأبناء والمسئوليات المنزلية؛ مما لا يُعدُّ من النهج الإسلامي في شيء، ومن ذلك ما أصبح شائعًا بين قطاعٍ من الأخَوَات من الحِرصِ الشديد على العمل الدعوي خارج المنزل، وتفضيله على البيت والزوج والأولاد ، فهنَّ يضعْن لذلك العمل أولويةً ويرددن مقولة (العمل الدعوي هو كياني وشخصيتي) مما يكشف عن خَلَل خطير في الأولويات لدى هؤلاء الأخوات، فبعضهن يجعلن دورهن كزوجة وأم في نهاية الأولويات ، كما أنهن قد يحتقرن هذه الأدواربجانب الدور الدعوي، وفي هذا من الخطورة ما فيه؛ حيث لن يمكننا أن ننتظر من أمثال هؤلاء أن يُحسنَّ العِشرة مع أزواجهنَّ، أو أن يعطِينَ الوقت الكافي لتربية أبنائهنَّ.


فقه الأولويات

إن أولوياتك الزوجة المسلمة الداعية هي:(1- الزوج 2- البيت والأولاد 3- الدعوة 4- العمل) فالترتيب يأتي هكذا، وليس هذا إجحافًا أو إنقاصًا من حقِّ الدعوة، بل دعوتُكِ مع زوجِكِ وأولادكِ مهمة جدًّا، فهذا كفيلٌ بأن يُنشئ أسرةً قويةً مترابطةً ويُخرجها إلى المجتمع قويةً ضد أية أعاصير تواجهها، كذلك فبيتك لا يقل أهميةً، والأصل أن تكون الأخت المسلمة قادرةً على تحقيقِ التوازن طوال حياتها عندما تقوم بجميعِ الأدوارِ المطلوبة منها كأم وزوجة وداعية ، وجدير بنا الآن أن نذكر بعض العوامل التي تساعد على تحقيق التوازن، ومنها : أن تتعود على السرعةِ والإتقان أثناء أداء عملك ،واغتنمي كل دقيقة وأحسني الاستفادة منها، أن تعود الأبناء على تحمُّل المسئولية والمساعدة في البيتِ وفرض بعض الأعمال لهم مع تحديدها ومتابعتهم فيها ليعتادوا عليها، الاهتمام باحتياجاتِ الزوج جيدًا ومعرفة ما يسعده وما يغضبه فتؤدي حقوقه وواجباته بشكلٍ جيدٍ يدفعك إلى إتقانِ باقي الأدوار، حسن ترتيب أولويات الواجبات والتي هي: التكاليف التعبدية, واجبات الزوج، البيت والأولاد، التكاليف الدعوية والعلاقات العامة، ثم ترتيب أولوياتِ الأعمال التي داخل كل أولوية .


حقوق مشروعة

حق الزوج : لكل من الزوجين حقوق على الآخر، ولكن تبقى حقوق الزوج على زوجته أعظم من حقوقها عليه لقوله تعالى" وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ "(البقرة: الآية228) ولقوامته "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ "(النساء: الآية34)، فمن حقوق الزوج على زوجته، أن تطيعه في غير معصية الله وأن تحفظه في سره وماله، لقوله صلى الله عليه وسلم " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " ومنها : أن لا تعمل عملا تطوعيا كان أم دعوياً إلا بإذنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه " ولقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الزوج عن زوجته من أسباب دخولها الجنة " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة " ، وعن أنس- رضي الله عنه- أن رجلاً سافر وأمر زوجه ألا تخرج من بيتها، فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن تعوده، فقال لها: "اتقي الله وأطيعي أمر زوجك"، ثم مات أبوها فاستأذنت رسول الله- صلي الله عليه وسلم- أن تشهد جنازته، فقال لها: "اتقي الله وأطيعي أمر زوجك"، فأوحى الله إلى رسوله أنَّ الله قد غفر لها بطاعة زوجها"، ولهذا كانت ولاية الزوج على زوجته تجب أي ولاية أخرى ولو كانت من الجماعة، ما لم يأمر بمعصية .


فعلى الزوجة الداعية مسئولياتٍ عظيمةً تجاه زوجها ومن ذلك : التعاون معه على البر والتقوى، والصبر على دعوته كما صبر الأنبياء على أذى قومهم ، أن تتحمل منه بعض الزلات التي قد تقع ، فهو بشر وليس بمعصوم ، أن تتحمل كثرة غيابه عن منزله وكثرة أسفاره ما دام ذلك كله في طاعة الله تعالى ، أن تكرم ضيوفه وتعمل على راحته معهم مادموا في طاعة الله ، أن تتألم لألمه وأن تفرح لفرحه ، وألا تكون في وادٍ وزوجها في وادٍ ، أن تقف معه وتحفزه على تطوير دعوته وأداء رسالته، وتقوي عزيمته وهمته ، أن تجعل بيتها هانئًا لزوجها، يأوي إليه من عنت المشقة وهموم العمل الدعوي ، أن تهتم بنفسها فتكون لزوجها كالريحانة طيبة الريح حسنة المنظر دائمًا أبدًا، أن تهتم بأولادها وتساعدهم في وظائفهم؛ لأن زوجك قد لا يكون لديه من الوقت ليقوم على تدريسهم وعنايتهم ورعايتهم، أن تساعده في بعض أعمال الدعوة في البيت من إعداد وتحضير وبحث ومراجعة .


حق البيت: ولتعلم الزوجة الداعية أن ميدان دعوتها الأول هو بيتها، ومنه تنطلق إلى ميادين الدعوة الأخرى، فالمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسئولة عن رعيتها "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، ونجاحها هو تحقيق التوازن بين متطلبات بيتها ودعوتها، والتنسيق الكامل بينهما دون إفراطٍ أو تفريط،، إن المهمات الدعوية والمسئوليات التربوية التي وكلت بالمرأة المسلمة في بيتها أكثر من أن تحصى، ولعل المرأة المسلمة تُدرك أن المهمة الأساسية لها هي القيام على بيتها وأداؤها لمسئولياتها وواجباتها فيه، تجاه أبنائها في دعوتهم وحسن تربيتهم ، وأن البيت نموذج مصغر للمجتمع يتدرب فيه الإنسان على إعطاء كل ذي حق حقه ومن تنجح في بيتها تنجح في دعوتها ، والأخت تعتبر دعوتها بيتها كما تعتبر بيتها دعوتها فالتوازن مطلوب إلا في الطارئ غير المتكرر، وبالتنسيق مع الزوج.


حق الدعوة : والدعوة إلى الله واجبة على المرأة كما هي واجبة على الرجل لقوله تعالى "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما النساء شقائق الرجال"؛ لأن تحقيق الخير ونشر الفضيلة ومحاربة الفساد تستدعي تضافر جهد المرأة مع جهد الرجل؛ فهي تكاتفه وتعاضده لغاية واحدة، وقد دعانا الله تعالى إلى إيجاد أمة الخيرية فقال"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ" 104آل عمران، والدعوة تأبى أن نُعطيها فضول أوقاتنا، وهي شرف ونعمة يتفضل الله بها على مَن أحب من عباده، ويحببها إليهم حتى يستعذبوا أشواكها، ويتلذذوا بالتضحية بالنفس والنفيس من أجلها؛ فهي من أحسن الأعمال كما قال تعالى"وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ " (33﴾ فصلت، وفيها بشارة الحبيب- صلى الله عليه وسلم-: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من الدنيا وما فيها".


ورغم أن العمل الدعوي واجب على المرأة، إلا أنه عمل منظم مضبوط بتوجيهات الشريعة ونظرتها إلى القضايا المختلفة ووحدة الفهم والتلقي، وتترتب عليه آداب لا يجب أن تغفل عنها الزوجة الداعية منها : إن سماح الزوج لزوجته وإذنه العام بالحركة الدعوية الواسعة دون الرجوع إليه وتقديم الأمور الدعوية على الأمور البيتية لفترة طويلة لا يعني سقوط حق الزوج بعد ذلك في طلب التعديل في أي وقت من هذه الحركة فهذا حق شرعي له ، والعلاقة الزوجية قائمة على الإحسان المتبادل فلا يجب على الزوجة المقارنة بين سلبيات الزوج وإيجابيات غيره من الرجال ( مدير مشرف مسؤول محاضر) ، وألا تقبل رأي الغير في أمور تمس البيت لا يعتد به إذا كان مخالفا لرأي الزوج، وأن تستأذن زوجها لحضور اللقاءات الدعوية التي مع الرجال سواء كانت في بيتها أو في غير بيتها ولابد من رضاه عن ذلك، ومتى حصل الشك في الرضى لا يحل لها الإذن بدخول رجل إلى البيت ولا خروجها إلى لقاء به رجل، وأن تنسق في مواعيدها الدعوية مع زوجها بعد عودتها إلى بيتها، وعند مجرد الإحساس بعدم ارتياح الزوج لنزولها إلى أي لقاء دعوي فعلى الزوجة ألا تصطدم بهذا الإحساس بل عليها أن ترسل بالاعتذار إلى مشرفتها دون حرج ، وألا تقدم على ما يكرهه الزوج أو يتضرر منه أو ما تجد حرجاً في التصريح به إذا سألها عنه ، سرعة إبلاغ الزوج بأي أمر طرأ على غير المعتاد وشرح ملابساته والاعتذار عن أي تصرف يراه غير مناسب ولا يجوز الكتمان خوف الملامة ،لايقبل بحال من الأحوال أن يكون بينها وبين المشرف الدعوي سرًا على الزوج ، ولا أن تدنو من المشرف الدعوي لتسر له بكلام بحيث لايسمعها أحد ظنا منها أن علو مرتبة الرجل الدعوية تلغي المحاذير الشرعية ، ولا أن تحضر حفلات أوأنشطة اجتماعية وترفيهية أو لقاءات مشتركة يختلط فيها الحابل بالنابل ويغلب عليها الخوض في محاذير شرعية وشبهات باسم مصلحة الدعوة ، ولا يجب ان يكون تصرفها حينما يرفض الزوج نزولها إلى عمل دعوي، أن تقول سأنزل تبعًا لولاية الدعوة علينا رجالاً ونساءً، أو أن تقول إن المسئول أدرى بالأصوب ، أو أن تصر على النزول ولو سرًّا .


توازن محمود

إن قضية التنازع بين مهام وواجبات كلا من البيت والدعوه وعدم التقصير في أحدهما أوتعدي أحدهما علي حقوق الأخر، ظاهرة تنتاب العاملات في الحقل الدعوي ، وهي إشكالية يشكو منها الازواج في بعض الاحيان ، كما تشكو منها الزوجات ، وهي تحتاج في المقام الاول إلي إدراك وحسن فهم حتي نتجاوزها دون أن نقع في تقصير، وهذه بعض القواعد العامة التي يجب أن تحكم الأخت المسلمة حتي لاتقع في هذه الإشكالية :1"الوسطيه " بلاإفراط ولاتفريط. 2ـ"التوازن"إعطاء كل ذي حق حقه 3 "ترتيب الأولويات " فالكل وقت عباده 4ــ " الموازنة بين المصالح بعضها وبعض" ، فالمرأة الداعية الواعية تقدم مصلحة الجماعة علي مصلحة الفرد ، ومصلحة الكثرة علي القلة ، ومصلحة الجوهر علي الشكل .. وهكذا، وهناك أربعة أشياء إذا اعتمدت الزوجة الداعية عليها حققت هدا التوازن: (التوكل على الله- الصحبة الصالحة- الارادة والهمة والقوة الايمانية- الصبروالمصابرة)


ختاماً

إلى الزوجة الداعية ، التي جعلت الدعوة لب اهتمامها بدلا من سفاسف الأمور التي شُغلت بها نساء اليوم من مكياج وموضة ، إليك أيتها الدرة المكنونة في هذه الدعوة ، إليك يا شقيقة الرجل في حمل هم الدعوة ، وإليك يا رفيقة الدرب كانت هذه الوصايا التي تجعلك بارةً صالحةً، راجحة العقل و سامية الغاية، نقية القلب و الروح، حسنة المظهر و التصرف والسلوك، إنها معادلاتك الصعبة، وائمي بين عباداتك وحق الزوج ومتطلبات البيت والأولاد وواجب الدعوة ، ووزعي في عدالة وقصد وسداد هذه الحقوق والواجبات، واستعيذي بالله من العجز والكسل والهم والحزن، وبالهمة والعزيمة سوف تجدين قرة عينك في القيام بالأعباء الجسام، بلا شكوى ولا ضجر ولا سأم ولا ملل ، وسيكون لنا وقفة تربوية أخرى معك أختاه بإذن الله ، في موضوع آخر عن "القوامة على المرأة في العمل الدعوي" .

هناك تعليق واحد:

Omar EL Zomor يقول...

جزاكي الله خيراً اختي الكريمة علي هذا الموضوع الرائع...
اما بعد ...

العمل ، البيت ، الدعوة . التوازن يا دعاة

إن توازن الداعية إنما يبنى على فهمه لأولوياته بصورة صحيحة، فالبيت والعمل هما نصف الدعوة.. أو أكثر!
إن هدف الدعوة إسعاد الناس بالإسلام في دنياهم، وذلك بتنظيمها على أكمل وجه.. ثم في آخرتهم.
والناس هم الوالدان والإخوة والأخوات والزوجات والأبناء والجيران والأقارب والأنساب وزملاء العمل والأصدقاء وأهل الحي والمجتمع.. فليس هناك ناس آخرون غيرهم!!
وهؤلاء إما أن يكونوا في البيت، أو في البيوت القريبة، أو في العمل، أو منتشرون في الحياة في مكان ما من أحيائهم!
ولذا، فالدعوة في البيوت وأماكن الأعمال قد تكون ثلثي الدعوة.. أو أكثر!!
إن أيسر الدعوة وأكثرها كفاءة وانتشارا وثمارا هي ما كانت مثل دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم.. دعوة على مسار الحياة كلها، كما ينبه لذلك الله تعالى في قوله: (وجعلنا له نورا يمشي به في الناس)، دعوة كل من يقابله ما أمكن.. دعوة الأقربين، ثم الأبعد والأسهل، ثم الأصعب، كما يشير لذلك سبحانه في قوله: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، وليس أقرب من الأهل ثم ساكني العمارة أو البناية وزملاء العمل!!

إن الداعي يقضي “إجباريا” أكثر من نصف وقته في العمل بين زملائه! بل أكثر من نصف حياته!! لأنه يقضي فيه سنوات؛ ويقضي ثلث وقته الآخر تقريبا، بل أيضا ثلث حياته أو أكثر في البيت!.. ما بين راحة، وأكل، وترويح، وعلاقات اجتماعية بين والديه وإخوته، أو زوجته وأبنائه، أو جيرانه، أو أقاربه.. فإن لم يستغل كل هذا الوقت الضخم في دعوة الآخرين للخير الذي هو فيه، فكم من الوقت والعمر سيتبقى ليدعو؟! وكم من الجهد المتبقي سيسمح؟!.. إنه إن لم يدع في البيت ولا في العمل، فلن يبقى له أوقات ولا جهود فعالة، ولا حتى عمر، ليدعوا أحدا!!


كانت هذه الكلمات من مقالالعمل ، البيت ، الدعوة . التوازن يا دعاة
للداعيه محمد محمود منصور بارك الله وفيه ستجدون باقي المقال...هنا
ولاتنسو الدعاء
والله ولي التوفيق