1- مشروع الـ 3000 سجدة
رمضان هو شهر النفحات الربانية والفيوضات الآلهية التي تتنزل على عباده المؤمين، والمسلم حريص على استغلال هذا الشهر الاستغلال الأمثل في طاعة الله، فهو شهر التنافس في الخير والسعي إلى مرضاة الله بكل السبل ﴿وَفِيْ ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ (المطففين: 21) ولا زال نداء المنادي يهتف بك أخي الحبيب "يا باغيَ الخير أقبل"، وهذه بعض المشاريع الربانية التي تتيح للمسلم أن يحوز على رضا الله وعفوه ومغفرته وجنته ونعيمه يوم القيامة.
تهيئة الصلاة سر بين العبد وربه
الصلاة سر بين العبد وربه
لعلك تدرك أخي الحبيب أن الصلاة التي شرعها الله سبحانه وتعالى هي شبكة الاتصال التي تسري ما بين العبد ومولاه سبحانه وتعالى، وإذا بقيت شبكة الاتصال هذه ساريةً بين العبد ومولاه وخالقه صلح أمره وصلح أمر الأمة إن كانت منضبطة بهذا الأمر، والعكس صحيح.
والله عز وجل حين دعانا في كتابه لم يدعُنا إلى الصلاة بل إلى إقامتها، أي إلى تنفيذها على النهج الذي أمر الله سبحانه وتعالى من حيث الكيفية، ومن حيث الميقات، ومن حيث الخشوع وإتمام قيامها وركوعها وسجودها، وقد وردت آيات كثيرة تبين لنا منزلة الصلاة في الإسلام، قال تعالى ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتًا﴾ (النساء:103) وقوله ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخاشِعِينَ﴾ (البقرة:45) وقوله ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ (طه: 14) وقوله ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ (طه:132).
أهمية المشروع
تأتي أهمية هذا المشروع الرباني والذي قدمانه على غيره من المشاريع الربانية الأخرى لما رواه الإمام مسلم عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: "كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي: "سلني، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أوَغير ذلك، قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود" ولما رواه الإمام مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة، فقال: "عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً وحط بها عنك خطيئة".
فكرة المشروع
تتمثل فكرة المشروع في إعانة المسلم على الوصول إلى أداء 3000 سجدة لله تبارك وتعالى خلال هذا الشهر الكريم؛ ليكون في عداد الركَّع السجود الذين أثنى الله عليهم في كتابه، وليكون في عداد أولياء الله الذين ذكرهم الله في حديثه القدسي بقوله: "ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه".
وفكرة الـ3000 سجدة تعني أداء المسلم لـ 1500 ركعة صلاة في هذا الشهر الكريم، بمعنى أن يؤدي لله كل يوم وليلة 50 ركعة، فهو مشروع الخمسين ركعة كل يوم وليلة.
كيفية التنفيذ
يتطلب هذا المشروع من المسلم آليةً في التنفيذ يجب أن يحافظ عليها طوال الشهر الكريم، حتى ينال الأجر كاملاً من الله تبارك وتعالى، وحتى يصل إلى درجة الولي الذي أحبه الله، وحتى يصل إلى صحبة الحبيب ومرافقته في الجنة، مع ضرورة توفر النية الصادقة الخالصة لله تبارك وتعالى من وراء ذلك كله.
وخطوات تنفيذ المشروع على النحو التالي:
1- المحافظة على أداء الفرائض (17 ركعة): وذلك من خلال نقاط هامة تتمثل في (أداء الصلوات الخمس في جماعة- وفي المسجد- وفي الصف الأول- وإدراك التكبيرة خلف الإمام) وبذلك تكون من المحافظين على الصلاة بحقها، حتى نحقق قول الله تبارك وتعالى ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاةِ الوُسْطَى وقُومُوا للهِ قَانِتِيْنَ﴾ (البقرة: 238).
2- المحافظة على السنن الراتبة (12 ركعة) والتي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم محافظته عليها بشكل راتب يومي، وهي ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء.
3- أداء صلاة التراويح (8 ركعات) في المسجد وفي جماعة ليزيد الأجر وتتضاعف الحسنات، ويقع التأثر في قلبك أخي الحبيب من خلال الصلاة في مسجد يقرأ بجزء كل ليلة.
صلاة التراويح (أرشيف)
4- أداء بعض السنن شبه المؤكدة، الوتر (3 ركعات) الضحى (ركعتان على الأقل) لما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه حين قال "أوصاني خليلي بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد".
5- المحافظة على السنن التي لها سبب، مثل سنة الوضوء كما كان يفعل بلال رضي الله عنه، وسنة دخول المسجد، وسنة ما بعد الأذان كما أخبرنا الحبيب "بين كل آذنين ركعتا صلاة لمن شاء"، وغير ذلك من السنن.
6- أداء سنة العصر لمن شاء (4 ركعات) لقوله صلى الله عليه وسلم "رحم الله رجلا صلى قبل العصر أربعًا".
7- أضف إلى ذلك ما طاقت نفسك واشتاقت إليه من نوافل الصلاة وقتما تشاء صباحًا ومساءً في غير أوقات الكراهة، وبخاصة قيام الليل والتهجد لقوله تعالى ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهجّدْ بِهِ نَافلَةً لَكَ..﴾ (الإسراء: 79).
ومن خلال الخطوات السابقة للمشروع يجد المسلم نفسه قد تمكن بفضل الله من أداء أكثر من 50 ركعة كل يوم وليلة؛ مما يعني دخولك أخي الحبيب في وصف الركع السجود، ولا تنسَ أخي الحبيب استحضار القلب والخشوع التام وقت الصلاة.
وتأمل أخي حال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا حضرت الصلاة يتزلزل ويتلون وجهه، فقيل له: ما لك؟ فيقول: جاء والله وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملتُها، وكان بعض السلف إذا صلى لم تنقطع الدموع من خديه على لحيته، ولا تنسَ المناجاة والدعاء أثناء السجود فإنه أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد كما أخبرنا الصادق المصدوق.
إرسال تعليق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق