سنن وقوانين
يدرك المسلم أن ما يجري في زمانه من وقائع وأحداث لا تنفصل عن سنن الله الكونية في الأمم والشعوب، وهي سنن وقوانين لا تتغير ولا تتبدل، ومن هذه السنن قوله تعالى" إن الله لا يصلح عمل المفسدين " وقوله تعالى "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا "وقوله تعالى " وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلى المصير"، وقوله تعالى" وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" وقوله تعالى” وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها و ما يمكرون إلا بأنفسهم و ما يشعرون" وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" وقوله تعالى " وتلك الأيام نداولها بين الناس " هذه بعض السنن الالهية التي توضح لنا أن طغيان الظالم مهما تمادى فلابد له من قوة أعلى منه تقهر ظلمه وجبروته وطغيانه المادي، .
ظهر الفساد
لقد بين سبحانه و تعالى أن ظهور الفساد وانتشاره في الأرض مرتبط بفعل الناس،" ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون " ، ومن أشد وأكبر صور الفساد اليوم، تفشي الربا في كافة المعاملات المالية والاقتصادية والتجارية، ووصول الرأسمالية العالمية إلى قمة طغيانها، حتى أسماها المحللون بالرأسمالية الطاغية، وبالغت في سياستها الاحتكارية، حتى وصلت إلى مرحلة الافتراس للفقراء في العالم، ومن صور طغيانهم وفسادهم حصارهم للحركات الإسلامية عامة والإخوان خاصة ،ومصادرتهم لأموال وشركات الإخوان في مصر والعالم، وإعلانهم الحرب على عالمنا الإسلامي، ونشرهم الدمار في بلادنا بأفغانستان والعراق والصومال في حروبٍ ظالمة أضفوا عليها مسحةَ القداسة "مَن لم يكن معنا فهو ضدنا"، وسعيهم جاهدين إلى تهديد عالمنا الإسلامي باسم الحرب على الإرهاب ، هذه بعض صور الفساد والطغيان الذي مارسته قوى الشر المتغطرسة ممثلة في أمريكا ومنظومتها العالمية ، وما كان ربك نسياً، وما كان للسنن الإلهية أن تتوقف
نتيجة طبيعية
من السنن الإلهية أن يجعل الله أعمال الظالمين وأموالهم التي أنفقوها في حربهم على الاسلام في كل مكان حسرةً وندامة، وهزيمة وخسراناً لقوله تعالى" إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون "، ومن السنن الالهية بأن يذيق الله الطغاة والمفسدين بعض ما عملوا في الدنيا قبل عذاب الآخرة " ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون "، وهي نتيجة طبيعية أن يعاقب الله من يحاصر المرابطين والمجاهدين في شتى بقاع الأرض وخاصة في أرض الرباط فلسطين، والمسلم يدرك من ناحية أخرى أن مجمل الأزمة الراهنة يرتكز على قضية جوهرية ألا وهي استحلال الربا وقيام حياة الناس عليه، ولقد قالها الحق تبارك وتعالى للذين وقعوا في الربا ممارسة وفعلاً ولم يتجنبوه " فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله " ولقد جاءت الأزمة الحالية لتمثل لنا صورة من صور الحرب من الله على كل متكبر جبار، وجاءت النتيجة " فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا... فاعتبروا ياأولي الأبصار " على غير ما توقع الناس وعلى غير ما توقع المسلمون أنفسهم، والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون .
معطيات الأزمة
إن هذه الأزمة تكشف لنا عن بعض الحقائق والمعطيات الجديدة التي بدأت تظهر على الساحات (المحلية والاقليمية والعالمية ) والتي لا بد وأن نتعامل معها من منطلق فقه الواقع ، وهي مؤشر لعدة حقائق ومعطيات وأفكار جديدة ومن ذلك :
· حدوث شرخ عميق في النظام الرأسمالي ووقوع اختلال في الموازين في القريب العاجل لن يفلت منها أي تشكيل اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي في العالم وإن كان بنسب مختلفة، وسيعاد ترتيب القوى العالمية .
· سقوط الحلم الأمريكي الذي كان يتم الترويج له في العالم ، فلم تعد أمريكا القوة الأعظم على الإطلاق، خاصة وهي تبدو أقرب إلى أن تلفظ أنفاسها، وستفكر في كيفية المحافظة على وحدة ولاياتها بدلا من خوض الحروب وممارسة الغطرسة الدولية، وما تقوم به أمريكا من التدخل لحل الأزمة ما هو إلا تأخير للإنفجار، وهو بمثابة إعطاء حقنة دم لرجل ينزف بغزارة، وها نحن ننتظر تحقق قوله تعالى قوله تعالى (تلك بيوتهم خاوية بما ظلموا)
· أصبحت الحاجة ملحة إلى نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر أمنا، وقد صرح بذلك الرئيس الروسي، والقمة الرباعية الأوروبية (فرنسا، إيطاليا، ألمانيا، بريطانيا)
· 40% من الدخل الأمريكي من النشاط الورقي مما يعني ان الخسارة ستكون فادحة عليها وعلى الدول الأوربية التي سارت على نهجها، والدول العربية التي ربطت اقتصادها بالدولار الأمريكي والبنوك والمصارف الأمريكية
· الصين اشترت 60 % من أذونات الخزانة الأمريكية مما يعني إمكانية تأثرها بتلك الأزمة ، في حين ان الهند ستكون من أبعد الدول تأثرا بالأزمة .
أيها الإخوان
في وسط هذا الإعصار، ومع هذه المعطيات الجديدة، يجب أن يحضرنا السؤال:أين نحن كإخوان في هذا الحدث وماذا نحن فاعلون وإلى أين نحن ذاهبون ؟ هي طموحات وتوصيات لأفراد الصف الإخواني في شتى البقاع :
1. أن نحقق في أنفسنا توعية كاملة بالأزمة وتداعياتها، وإعادة قراءة الأزمة قراءة تربوية ، ونشر تلك التوعية وسط مجتمعاتنا.
2. أن نلزم أنفسنا بعدم التعامل بالمنظومة الربوية وأي شكل من أشكالها،وعدم الدخول أو التورط في أي تعامل ربوي مهما كانت الظروف، وكذلك اقناع كل من حولنا بذلك الأمر.
3. أن نعتز بديننا وبمنهجنا القرآني، وأن هو الحل الأصوب والأقوى والأجدى والانفع .
4. أن نلتف حول قيادتنا ودعوتنا التي رفعت شعار الإسلام هو الحل ، وأن نزداد قناعة بجدوى هذا الشعار ،وأنه يجب أن نعلنه ونعتز به، كي نرى عودة الاسلام قوياً منتفشاً
5. أن نوقن بأن البديل لهذه الأنظمة الفاشلة هو عودة الخلافة الإسلامية لتنشر الخير و العدل والسعادة في ربوع الدنيا كي تتنفس البشرية هواء الإسلام النقي الذي لا تشوبه شائبة.
6. أن نجاهر بالاعلان والتوعية بالمشروع الإسلامي، وإقامة الندوات والمؤتمرات لها وبيان مقومات النظام الاقتصادي في الاسلام، والإجابة عن الإسئلة المثارة عن المنهج الاسلامي في التعاملات المالية والاقتصادية، والتحرك بها في كافة الأوساط المجتمعية والدعوية سواء في الواقع أو على النت، واظهار مزايا هذا النظام وفوائده المتعددة .
7. أن نستغل الآثار والانعكاسات التي ستتولد نتيجة لهذه الأزمة المدمرة في بيان فشل الأنظمة المادية التي صنعها البشر وعدم قدرتها على تحقيق الخير والعدالة والرفاهية للإنسان .
8. أن نتذكر جميعا ما قاله ابن خلدون في مقدمته بأن الحضارات محكومة بسنن كونية ، وأن أي حضارة تبدأ ثم تزدهر ثم تخمد وتموت ولا يبقى منها إلا رسمها فقط ، وهذا هو القادم بإذن الله، فقد رأينا بأعيننا سقوط المنظومة الاشتراكية وها نحن على أعتاب رؤية انهيار المنظومة الرأسمالية
ختاما
إن يد القدرة الإلهية التي جعلت بداية حكم النظام العالمي الجديد " بوش الإبن" بكارثة 11 سبتمبر، هاهي تجعل أيضا نهاية حكمه بكارثة الكوارث، بإعصار الأزمة المالية العالمية والتي تنبئ بسقوط وانهيار الرأسمالية الأصولية العالمية، ولا يجب أن نغفل أن ما تم خلال الفترة السابقة من مصادرة لأموال الإخوان بالداخل والخارج وحصار إخواننا في غزة (بعد تولي حكومة حماس) ما كانت إلا سببا جوهريا في الأزمة،وما كانت الأزمة الحالية إلا استجابة من الله للكثير من دعوات المظلومين الذين كانوا يرددون " ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم " فكانت استجابة الله لدعوات المقهورين والمظلومين والمحاصرين من منطلق قوله تعالى " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدينا " .. والله أكبر ولله الحمد .
هناك ٥ تعليقات:
شارك في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية وادعو غيرك.
ضع بنر الحملة من علي مدونتك البنر موجود علي مدونتي
تحاياي
اخي العزيز ان مااورته عن الازمة الاقتصادية التي ضربت اميريكا ومنها العالم هي لعبة اميريكية بحتة الغاية منها هز شجرة الاغنياء المضاربين واصحاب المصارف والمضاربين في البورصات الخ ولم مايتساقط منهم لاغناء الخزينة الاميريكة وفعلا حدث المطلوب واول بشائر اغتناء الخزينة الاميريكية هو هبوط سعر البانزين من 4.5 الى 2.9 اي الفارق هو النصف والحبل على الجرار ؟
ان النطق بما لاتعرفونه ليس من حقكم ولاتنسى الذي افتقر في هذه الازمة ليس اصحاب المال الحقيقين بل انعكست على الشعوب العربية الاسلامية الفقيرة ؟
اترى ماحدث يااخ ان الله لم يضرب الاميريكان بقدر ماضرب العربان المسلمين في الشرق والمسلمين في اسيا برمتها ياعزيزي ؟
هذه اموال الفقراء والمساكين التي احتشدت كروش وخزائن العرب والمسلمين بها مال حرام في حرام وهو من مال الله فاصبحت من نصيب العادلين في الارض المتعاملين مع شعوبهم بالحق لاسعادهم وهي اميريكا ام الدنيا اذهب الى اميريكا وشوف المسلم كيف يعيش بكل كرامته تعتز به الحكومة الاميريكية ؟استقبلته وهو فقير معدم هارب من اضطهاد اهل دينه ورعته حتى سحب نفسا عميقا من انفاس الجنة بعد ان كان يعيش مثل البهيمة في بلد المسلمين منتهك الحقوق مستلب الحرية يوم ياكل وعشرة جوعان ؟ اما في اميريكا فهو ياكل ويطعم غيره من فضل الله الذي اغتنت به اميريكا لانها لم تسرق حقوق الاخرين بل رعتهم رغم انهم ليسوا من اهلها بل دخلاء عليها ؟
كفى تدليس ياناس ابقروا بطون اغنياءكم لتعرفو كم من الحرام يختزن فيها وهي قذارات الدنيا برمتها ؟
تحياتي لك
جهينة ابو النون
3/11/2008
الأخ الحبيب الحسني
شكرا على مروركم الكريم على المدونة ، وبإذن الله نكون معكم في التوعية بحملة القيد في الانتخابات من الآن
الأخ الحبيب جهينة أبو النون
أولا شكرا على مروركم على المدونة وتفضلكم بإبداء الرأي تعقيبا وتعليقا
ثانيا : أحترم وجهة نظركم التي أبديتموها في ردكم ، وأحسب أن هناك فريقا من الناس يقول بقولكم وينضم إليكم ولكن الوقائع والحقائق والبراهين تثبت عكس قولكم .. وأرجو أن تقرأوا ما كتبه علماء الإقتصاد من الغرب ومن المسلمين وما كتبه المحللون هنا وهناك سترى بنفسك أن ما وقع أكبر من أن يكون لعبة أمريكية كما كتبتم ،بل هو نتيجة طبيعية للطغيان الربوي في معاملاتهم المالية والتجارية والاقتصادية
ومن ناحية أخرى لا ينبغي الانقياد وراء من يضخمون امريكا ويجعلونها إلها فوق الجميع وأنها القادرة على فعل ما تشاء وقت ما تريد وأنها وأنها وأنها
كفاكم أخي تعظيما وتمجيدا وتأليها لأمريكا .. فهي ساعة النهاية بإذن الله .. ويسألونك متى هو قل عسي أن يكون قريبا
وتفضح الوثائق التى نشرها العالم الفرنسى "جوليان " على أن تعليمات الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية إلى الشركات البترولية فى العالم العربى واضحة، وهى عدم توظيف عوائدها النفطية فى المنطقة، وذلك رغم أن احتمالات الكسب فى ذلك الميدان لا حدود لها. كل دولار يوظف فى المنطقة العربية يستعيد نفسه خلال فترة لا تتجاوز العامين، بينما هو فى حاجة إلى خمسة عشر عاماً فى غرب أوربا، ومع ذلك فتعليمات وزارة الخارجية الأمريكية كانت صريحة إلى الشركات البترولية أن توجه عائداتها البترولية لتوظف فى اقتصاد غرب أوربا، ولا توظف محلياً فى المنطقة العربية ".
موضوع خطير ويجب قرائته وخاصه ا
للإخوه المصريين وطبعآ الخطر على كل العرب والمسلمين
http://www.alarabnews.com/alshaab/GIF/14-02-2003/awraq15.htm#_هذا_هو_الطريق
أخي كل قاده العرب مسيرين وليسوا مخيرين والله المستعان.ويجب أن نعرف كذلك أن الأمر لن يقف عند هذا بل هناك تغريب سريع وعلى قدم وساق للمسلمين وبأيدي أبنائهم وقد بداء التخلخل في المجتمع العربي وفي الجزيره العربيه بنشر التحلل الأخلاقي ومحاربه الدين في كل الوسائل الإعلاميه بدون إستثناء.ولو عملت إحصائيه عن أعداد العلمانيين والعلمانيات وأعداء الإسلام في المجتمع لهالك عددهم
إرسال تعليق