المحليات لماذا
إن المتابع المنصف للمناخ السائد للحريات في مصر ، والواقع المعاش ليؤكد أن دخول الانتخابات المحلية في هذا المناخ لا جدوى منه ولا فائدة من ورائه ، وهذا رأي كل عاقل بصير ملم بالساحة السياسية ، وربما يصل الأمر بكل ذي لب أن يخطئ من يتقدم لهذه الانتخابات في ظل هذه الأجواء ، ورغم ذلك تقدم الإخوان لخوض الانتخابات مرددين " سنتصدَّى للفساد.. سنتصدَّى لغلاء المعيشة.. سنتصدى لتردِّي التعليم.. سنتصدى لتردِّي المرافق والخدمات.. سنتصدَّى للاحتكار والاستغلال.. سنتصدَّى للانحراف في الأجهزة والإدارات.. سنتصدَّى للرشاوى والمحسوبيات.. سنتصدَّى لكل ما يحُول بين المصريين والحياة الكريمة في وطنه" بهذه الكلمات ورغم المناخ السائد ،أعلن الإخوان المسلمون عن هدفهم ورغبتهم من المشاركة في انتخابات المحليات ،
لا تحسبوه شرا لكم
قالها رب العزة تبارك وتعالى وهو يربي الصف المسلم حينما تعرضوا لأخطر قضية واجهتها العصبة المؤمنة ممثلة في " حادثة الإفك " مبينا لهم أن الخير دائما في كفة المؤمنين مرجح على الشر ، ودائما يرى المؤمن في كل الأحداُث التي تقع معه وله بأن فيها أوجه خير قد لا يعلمها الآن ، ولكنها ربما تتكشف له بعد حين ، والأخ الصادق لا يرى أن الأحداث تقاس بالإيذاء والضرر المادي والأدبي الذي يقع على الصف وفقط ، بل هناك مقاييس أخرى تقاس بها الأحداث بخلاف الإيذاء الواقع على أصحاب الدعوات ، ، وما انتخابات المحليات بخارجة عن هذا القانون الإلهي ، فهي خير لنا على كل حال ، وإن الدعوة تعيش في هذه المرحلة ملامح مكسب كبير وخير كثير على كافة الأصعدة، ومن هذا الخير :
1. أن ينكشف أمر النظام ومدى خشيته من أي مشاركة للإخوان في أي انتخابات ، بدءاً بإنتخابات النقابات العمالية مروراً بإنتخابات مجلس الشورى وحتى إنتخابات الطلبة إلى انتخابات المحليات الحالية ، فأصبح النظام يخشى أى إنتخابات تشاركون فيها ، ولم يعد النظام يخشى أحدا سواكم ،أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
2. أن ما يمارسه الأمن مع الجماعة وأفرادها من حملات إعتقالات موسعة وصلت إلى 831 معتقل حتى الآن ومطاردة الآخرين ، وانتهاك لحرمة بيوتهم ، واستيلاء على ممتلكاتهم ومصادرة أموالهم وأغراضهم ، وقد نبهنا الإمام البنا رحمه الله إلى وقوع هذه الأمور وربط على أيدينا بقوله " حينئذ تكون قد بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات " ، ولكنها في المقابل أفعال تعكس حالة الهيستريا التي أصيب بها النظام ، وهي هيستريا الخوف من الإخوان ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
3. أن يدخل النظام في نفق الاستبداد والفساد المظلم ، وأن يفقد النظام عقله بعد ما تأكد من فقدان شعبيته، وتآكُل شرعيته، وتهديد مصالحه الشخصية ، فيحول الدولة بكامل هيئاتها ومؤسساتها ورجالاتها إلى تابع للجهاز الأمني في دلالة على هزيمته الداخلية، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
4. أن تتحول كل سيناريوهات النظام في انتخابات المحليات إلى سيناريو واحد فقط ، وهو مواجهة الاخوان بيد من حديد عبر خطوات سبعة تتمثل في ( تبكير الاعتقالات في صفوف الإخوان قبل الترشيح - تعقيد الإجراءات لطلبات الترشيح والتدقيق فيها - استبعاد من أفلت من الإجراء السابق و منعه من الجولات الانتخابية - تمزيق اللافتات الخاصة بالدعاية لهؤلاء المرشحين دون غيرهم - حصار المقرات التي بها شعبية لمرشحي الإخوان ، وغلق الطرق المؤدية إلى الصناديق يوم الانتخاب - تسويد البطاقات في غيبة الإشراف القضائي - تغيير النتيجة إن أفلت مرشح الإخوان من المراحل السابقة ) ، إن كل هذه التجاوزات ما هي إلا إجراءاتٌ يقوم بها النظام دون وعيٍ، ليؤكد أنه بات عاجزًا عن منافسة الإخوان، بل وأعلن إفلاسه ، وكأنه يُعِد الساحة لقدوم البديل ولا بديل مهيَّأً حالياً إلا الإخوان، وأصبح السؤال هو: متى سيجلس الإخوان على منصة الحكم رغم كل ما يحدث؟، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
5. أن يبلغ عدد المرشحين الذين استكملوا أوراقهم رغم الإجراءات الأمنية 5754 مرشحًا، وحينما تقبل أوراق 498 منهم رغم الإجراءات الأمنية ، فهي دلالة على ضعف الإجراءات الأمنية وتخاذلها أمام إصرار الإخوان ، وفشلها في حصار الإخوان مهما اوتيت من قوة ، أليس هذا خير لكم ؟ أليس هذا نصر من الله وفتح قريب ؟
6. أن تبلغ عدد الدعاوى التي رُفعت أمام القضاء الإداري حوالي 3912 دعوى تم الفصل لصالحنا في 2664 منها بتمكين المرشحين من تقديم أوراقهم، أو إدراج الأسماء بكشوف المرشحين، وجارٍ الفصل في بقية القضايا ، في دلالة على عدالة قضيتكم ومطالبكم أماء القضاء ، والتفاف القضاء العادل النزيه حول حقوقكم السياسية ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
7. أنَّ يعلنها النظام حربًا شرسةً على الإخوان في الحريات والأرزاق سلاحه فيها البلطجة، ويعلنها الإخوان سلاحنا هو تعرية النظام وكشف ضعفه وتخلفه وانقلابه على مصالح الشعب والوطن وفضح ألاعيبه مهما استخدم من بطشٍ وإرهاب، كاسرين بذلك حاجز الخوف لدي الصف من بطش النظام وجبروته ، و كسر الهاجس والحاجز الأمني لدى قطاع كبير من الشعب، بل وتنامي مشاعر الرفض للممارسات والتجاوزات الأمنية المتكرِّرة في حق المواطن المصري أليس هذا خير لكم ؟ أليس هذا نصر من الله وفتح قريب ؟
8. أن يصر الإخوان على المشاركة في هذا المناخ فإن ذلك التمحيص الحقيقي للصف ، وهو أقوى من كافة الوسائل التربوية المعهودة لدى الإخوان لتحقيق هذا التمحيص ، بل وتتجسد قيمة تربوية أخرى وهي الثبات الحقيقي للصف من خلال جهاد المراغمة مع النظام وبطشه ، فنزول الأفراد للانتخابات رغم علمهم بما ينتظرهم ، وتركهم لبيوتهم ومنازلهم ، وأن يعيشوا حياة المطاردين طوال الفترة الانتخابية ، إنه نعم التمحيص ونعم الثبات ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
9. أن يبرز دور لبيوتنا لم يتوقعه البعض، فالبيوت الصامدة برغم الاعتقالات، الزوجة الثابتة وقد اعتقل زوجها وشعارها (ربح البيع)، وأن تقسم كل زوجة "نحن بنات البنا والقسام نُبايع على الجهادِ، فما بيوتنا- والله- بعورة "، وأن تغادر الزوجة وأولادها بيتها بعد انتهاك قوى الظلم له تكرارار ومرارا في غياب الزوج ، وبعدما طالت يد البطش الأمني وسلوكياته بيتها مرددة "كان هذا فيك يا رب" ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
10 أن تنكشف لكم أحزاب المعارضة السياسية التي هرولت كعادتها إلى أحضان الحزب الحاكم وانصياعها له مقابل الحصول على بعض المقاعد لهم في هذه الانتخابات ، كما حدث في صفقة الاسماعيلية ، مما يعني إلغاء الحياة السياسية والتعددية السياسية، والتخلص من الديكور الذي أصرَّ عليه الحزب الحاكم طوال عمره عبر صفقاتٍ مكشوفة، وسكوت تلك الأحزاب عن التجاوزات الأمنية مع الإخوان ، وترك الساحة هروبا من المواجهة ، حتى لا يركن أحد من الإخوان على تلك الأحزاب كأمل للتغيير ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
11 أن تنكشف النخب المثقفة والتي كانت تطالب الإخوان بالتحرك ، والنزول إلى الشارع في مواجهة الاستبداد ، وحينما نزل الإخوان لم نجد لهم نصرة للحق ، وأن يلتزموا الصمت تجاه ما يحدث من اعتقالات وانتهاكات لحقوق وحريات الاخوان ، وترك الساحة هروبا من المواجهة ، حتى لا يركن أحد من الإخوان على تلك الأحزاب كأمل للتغيير ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
12 أن ترتفع كفاءة كوادر الجماعة في العمل العام في ظل هذه الأجواء والمناخات ، وأن تظهر كوادر ورموز إخوانية جديدة تقود العمل السياسي والاجتماعي ،وأن تشارك الأخوات لأول مرة في انتخابات المحليات وأن تبرز رائدات للمجتمع منهن لأول مرة على الساحة ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
ختاما
إن الخاسر الوحيد في هذه الانتخابات المحلية يتمثل في النظام الذي فقد شعبيته، وتآكُلت شرعيته ، وأحزاب المعارضة التي ارتضت لنفسها أن تقف في موقف الضعيف وامتنعت عن المشاركة في التغيير أواتخاذ مواقف حقيقية في نصرة الحق ، وباعت نفسها وارتمت في أحضان النظام الفاسد المستبد ، وكل القوى الوطنية والأحزاب والجمعيات الأهلية التي نجح النظام في إبعادهم عن المشاركة في أي عمل وطني سياسي أو اجتماعي ، أما على مستوى الإخوان ، فهم فائزون بكل المقاييس رغم كل التضحيات ، بدا من تحقيق التمحيص الحقيقي للصف ، فالانتخابات رغم قسوتها ليست بجديدة عليهم ، وسيخرج منها الإخوان بتجربة تضاف إلى رصيد تجاربهم السابقة ، مكتسبين منها الخبرات الميدانية ، وتطوير الأداء السياسي والدعوي والإعلامي والمجتمعي لأفراد الصف ورموزه ، محققين المزيد من الالتفاف الجماهيري حول الجماعة ومبادئها ورموزها ، منتظرين لحظة الحسم الكبرى في المواجهة الحتمية مع النظام المستبد ، وما انتخابات تركيا وباكستان عنا ببعيد ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
هناك تعليق واحد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخى الحبيب أترك لك إيميلى الشخصى وأرجوا أن يكون هناك تعارف بيننا لتحقيق إستفاده أكبر مماتكتب لأنى أرى أن فيما تكتب لو استغل وتم تسويقه بشكل أفضل لكانت فائدته أعم .
LIGHT-TREE@HOTMAIL.COM
لاحظ أنها داش وليس أندر سكور
وبمجرد أن ترسل لى أيميل سوف أرسل لك الرد للدلاله على ما أريد قوله وفعله
إرسال تعليق