الاثنين، ٢٤ مارس ٢٠٠٨

اجعلوا منه يوما مشهودا

أعيد نشر هذا المقال نظرا لتكرار ظروف كتابته في المرة الأولى ، حيث يحاكم يوم الثلاثاء 25/3 أمام المحاكم العسكرية 40 من الشرفاء الأحرار الأبرار من قيادات ورموز الإخوان المسلمين

نداء
إلى الإخوان في مصرنا الحبيبة ، و في الجزيرة العربية واليمن السعيد، وفي بلاد الشام وعراق الرافدين، وفي المغرب العربي وسودان الخير ، وإلى الإخوان في قارات العالم ( آسيا – أفريقيا ـ أوروبا – أمريكا ) ، أيتها الملايين من الإخوان يامن تتواجدون في أكثر من 96 دولة بالعالم ، وحولكم أصدقاء وجيران ومعارف يضاعفون هذه الملايين إلى عشرات الملايين.

إلى هؤلاء الإخوان جميعا : لقد اقترب اليوم الموعود ، إنه يوم الثلاثاء 25/3 اليوم الذي تصدر فيه المحاكمة الظالمة الجائرة من قبل الطغاة المجرمين حكمها على الشرفاء من خيرة أبناء هذه الأمة من قيادات الإخوان المسلمين المحالين للمحاكمة العسكرية ظلما وزورا ، لقد أراد الظالمون أن يجعلوا من هذا اليوم يوما للحسم القانوني العسكري الجائر ضد رموز الإصلاح الشرفاء من قيادات الإخوان المسلمين ، وبيد الإخوان أن يخيبوا ظنونهم ، لذا أناديكم وأشد على أياديكم ، فمأساة إخوانكم المحالين للمحاكمة العسكرية اقتربت فيها ساعة الحسم ، فقد أوشكت فصول المؤامرة أن تنتهي بحكم جائر ، وقد آن أوان وقفتكم الحاسمة نصرة لإخوانكم .

توجيهات
أيها الإخوان أذكركم بتوجيهات قيادتكم الراشدة ممثلة في كلمات د محمود عزت الأمين العام للجماعة : " إن الواجبات أكثر من الأوقات؛ فعلينا واجبات نحو إخواننا المحاكمين عسكريًّا؛ فهم طليعة هذا الصفّ المؤمن في بلدنا الحبيب، وعلينا واجباتٌ نحو إخواننا في فلسطين، علينا واجب نحو أمتنا التي تكالب الأعداء عليها تكالب الأكَلة على قصعتها، فليس لنا عذرٌ بين يدي الله بعد أن أدركْنا وأبصرنا، فاستعينوا بالصبر والصلاة والدعاء وأيقِظوا الأمة لتقوم بواجبها."

وقد حدد لنا الواجبات على النحو التالي : " واجبات على كل فرد بشأن المحاكمات العسكرية :
· يذكر الأخ إخوانَه، فيدعو لهم في كل صلاة، وعند قيامه بالليل، وقنوته في الصلوات.
· في بيته، فكلما أنِسَ بأهله ذكر إخوانه، فأوصِ أهلك بحسن الصلة، فيتصل النساء بالنساء والأولاد بالأولاد.
· يذكر إخوانَه في جيرانه وفي أهل مهنته بالقول أو الرسالة الإلكترونية أو ما شابه ذلك من وسائل.
· يذكر إخوانَه مع أهل المسجد، فيدعون لهم جميعًا.
· يبادر بتلبية الدعوة، إن كان بحضور جلسة الحكم أو مؤتمر في نقابة أو نادٍ..
· إن كنت أخي من أهل الكتابة فاكتب إلى الصحف أو المواقع الإلكترونية، وإن كنت من المتحدثين فاسْعَ إلى الحديث عن إخوانك المظلومين، ورُدَّ عنهم التزوير والتشويه، وإن كنت من أهل منظمات المجتمع المدني فقُم بدورك في توعية الأمة، وإن كنت طالبًا فقُم بدورك في توعية زملائك، وإن كنت برلمانيًّا فقُم بدورك الرقابي لمنع استبداد الساسة وتعسُّف الأمن، وإن كنت نقابيًّا فاعمل من خلال نقابتك، وإن كنت من أعضاء هيئة التدريس فاعمل من خلال جامعتك وناديك، وهكذا كل منا على ثغرة هو مسئول عن الذَّود عنها."

يوم مشهود
أيها الإخوان إنه يومكم المشهود ، ويومكم الموعود ، الذي تشهدون فيه الله عزوجل أنكم فقراء إليه وأذلة بين يديه ، والذي تشهدون فيه الملائكة الكرام الكاتبين أنكم أنصار الله ودينه ودعوته ، والذي تشهدون فيه إخوانكم المحالين للمحاكمة العسكرية أنكم معهم ولن تخذلوهم ، والذي تشهدون فيه قيادة دعوتكم وحدة صفكم خلفها والتزامكم بتوجيهاتها ، والذي تشهدون فيه الطغاة أن صلتكم بالله أقوى من محاكمتهم الباطلة ، وأنكم تمتلكون سلاحا أقوى من بطشهم وطغيانهم ، والذي تشهدون فيه قضاة المحاكمة العسكرية بأن قضاء السماء أعز وأعلى وأقوى من قضائهم ، والذي تشهدون فيه أعداء الداخل والخارج أن الله معنا ناصرنا ومعيننا، والذي تشهدون فيه العالم أجمع أنكم تملكون من سهام القدر ما تردون به كيد الكائدين .

أيها الإخوان .. إنها ساعات الحسم من قبل الطغاة في محاكمتهم الظالمة ضد إخواننا الشرفاء ، بأيديكم أن تجعلوها ساعة حسم على غير ما يقصدون ، اجعلوها ساعة الحسم الرباني ، ولنعلنها مدوية أمام الطغاة جميعاُ ، يا طغاة الأرض و يا قضاة المحاكمة الجائرة المواجهة ليست بيننا وبينكم ، بل بيننا وبينكم رب العزة والجبروت ، بيننا وبينكم مالك الملك ذو البطش الشديد .

ساعة الحسم
أيها الإخوان .. إننا نقف على أعتاب مرحلة حاسمة ، لنجعل من الساعات القادمة ، ساعات الحسم الرباني ، استمطروا الرحمات لإخوانكم من المولى سبحانه وتعالى ، اطرقوا أبواب السماء في ساعات الإجابة ، واستعينوا على الظالمين بسهام القدر في أوقات السحر ، مرغوا الجباه بين يديه سبحانه وتعالى فقرا وذلا في جوف الليل رهبانا مصلين ، استجلبوا نصر السماء بدعاء القنوت في صلواتكم ، أكثروا من المناجاة لمولاكم ، وقدموا بين يديه صدقات وصيام وقيام ، الزموا الاستغفار صباح مساء ، ارفعوا أكف الضراعة ، مبتهلين إلى الله ابتهال العبد الفقير الذليل ، اسكبوا العبرات ، واذرفوا الدمعات ، ولتكن الساعات القادمة شاهدة لنا بالأعمال الربانية التالية :
· القنوت في كل الصلوات المكتوبة والمسنونة ، "عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت ".
· كثرة الدعاء في السجود والإلحاح بالدعاء المرفق وبغيره ، وتحري أوقات الإجابة ، قال صلى الله عليه وسلم " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام ، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب -عز وجل-: وعزتي لأنصرنَّكِ ولو بعد حين "..
· الصلاة في أول الليل أوفي جوفه أوقبيل وقت السحر وبخاصة ليلة المحاكمة الجائرة ، قال تعالى " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون" وقال صلى الله عليه وسلم "عليكم بقيام الليل ، فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وهو مقربة لكم إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم " .
· صيام يوم الاثنين ، قال - صلى الله عليه وسلم- : "للصائم عند فطره دعوة لا ترد" وقال " ثلاثة لا ترد دعوتهم... والصائم حين يفطر" .
· لزوم الاستغفار في ساعات الليل والنهار وعدم الانشغال بغيره "عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب".
· الاجتماع مع الأهل والأولاد والصالحين على هذه الأعمال بقدر الإمكان .


مناجاة
اللهم يا عالم السر والنجوى ، يا كاشف الضر والبلوى ،اللهم خابت الآمال الا منك ، وشان التوكل الا عليك ، يا صاحب كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى ، يا أمان الخائفين ، يا غياث المستغيثين ، يا مجيب دعاء المضطرين ،يا كاشف كرب المكروبين ،يا حيلة من لا حيلة له ،وياغاية من لا وسيلة له ، اللهم كثر الظالمون وعز الاخوان ،وانقطعت الحيلة وبطلت الوسيلة، اليك نشكو ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس يا ارحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين وأنت ربنا ، عزّ جاهك وجلّ ثناؤك ، وتقدّست اسماؤك ، لا يرد أمرك ، ولا يهزم جندك ، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث فأغثنا ، انت غياثنا فبك نغوث ، وانت ملاذنا فبك نلوذ ، وانت عياذنا فبك نعوذ ، وغداً يحاكم أولياؤك ، ويُدبر لهم من قبل الظالمين ،اللهم إنهم لا مولى لهم سواك ، ولا نصير لهم إلا أنت ، اللهم انصرهم وأيدهم بفرج من عندك ، اللهم انصر دينك وكتابك ودعوتك وعبادك المؤمنين ، اللهم نجِ إخواننا المعتقلين المستضعفين من كيد الكائدين وظلم الظالمين ، كن لهم خير معين ، واحفظنا واحفظ اخواننا ودعوتنا من كل جبار عنيد ، ومن كل ظالم عتيد .

اللهم يا مفتح الابواب ، يا مؤنس الاحباب ، يا مسهل الامور الصعاب ، يا منزل الكتاب ، يا مجري السحاب ، يا هازم الاحزاب ، يا من ذلت له رقاب الجبابرة، يامن قال "من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب" ، اللهم عليك بمن عادى أولياءك ، أعلن حربك عليهم ، اجعل الدائرة عليهم ، عليك بالظالمين المتكبرين ، اهزمهم وزلزلهم ، واجعل الدائرة عليهم ، اللهم شتّت شملهم ،ومزّق جمعهم ، وأبطل كيدهم ، وفرّق بينهم وبين من شايعهم ، اللهم انّا نجعلك في نحورهم ، ونعوذ بك من شرورهم ، اجعل تدميرهم في تدبيرهم ، خيب ظنهم ، أبطل كيدهم ، اللهم أهلكهم كما أهلكت عادًا وثمود ، اللهم زلزل عروشهم وبيوتهم ، وأرق وأذهب نومهم، ، بقوتك يا جبار، يا قهار، يا رافع السماء، يا دافع البلاء .

اللهم انا عبادك نرفع اكف الضراعة اليك نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، اذهب خوفنا ورعبنا، وانصر دعوتنا وصحبنا، وأمن روعاتنا، وأذن ببراءة إخواننا، وأقرأعيننا بحريتهم، وأذهب حرقة فؤادنا، واجعل حبك إزارنا، ورضاك شعارنا،وإحسانك سرنا، وطاعتك جمالنا، وعفوك وصالنا، وجنتك دارنا، فتقبل اللهم رجاءنا ودعاءنا، يا أرحم الراحمين يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام ، فلا تردنا بعد هذا الدعاء خائبين ، ولا عن باب جودك مطرودين ، اللهم لا تردنا إلا وقد أطلقت سراح إخواننا ، ونصرت دعوتنا ، وملأت بالهدى قلوبنا، وشرحت بالإسلام صدورنا، وأقررت برضاك عيوننا، واستخدمت لدينك أرواحنا وأبداننا .

الثلاثاء، ١٨ مارس ٢٠٠٨

الإخوان المسلمون .. ثمانون عاما من الفهم العميق

تهيئة
بينما كان المسلمون يتخبَّطون في الجهل والظلام، حينما انزوى مفهوم الإسلام الشامل وانحصر مكانه الفعلي ليصبح في المسجد فقط، ولم يعُد له مكانٌ في توجيه الحياة ، وبينما كان المسلمون يترنحون من جراء السقوط المدوي للخلافة الإسلامية ، والذي أدى إلى ضياعِ هوية الأمة، وفقدانِها لمصدر عزتها، وافتقادِها لمعالم المشروع الحضاري لنهضتها وقيامها بدورها الرائد في الشهادة على الناس ، ووسط هذا الظلام الدامس ، يأتي شاب في الحادية والعشرين من عمره قد ارتوى من النيل ماء عذبا فراتا ، ومن الإسلام هديا ونبراسا ، ومن القرآن شرعة ومنهاجا ، فيخاطب قومه " يا قومنا إننا نناديكم والقرآن في يميننا والسنة في شمالنا وعمل السلف الصالحين من أبناء هذه الأمة قدوتنا ، نناديكم إلى الإسلام وتعاليم الإسلام وهدي الإسلام " " الاسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة ، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء ، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى ، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة ، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء "، فأسس دعوة الإخوان على ركائز ثلاث من (الفهم العميق والتكوين الدقيق والعمل المتواصل )، فتأتي هذه السلسلة لنتناول فيها بشئ من الإيجاز غير المخل ، هذه الركائز الثلاث .

أفهام مغلوطة
قبيل ظهور دعوة الإخوان ، كانت الأمة الإسلامية قد وصلت إلى حالة بعيدة من الفوضى الفكرية وخلل كبير في الفهم ، تمثل في صور شتى وفرق عدة ، فريق اختلط عليهم ما هو أصل بما هو فرع ، و فريق تصلب لفروع حاربوا من إجلها إخوانهم المسلمين ، وثالث ضيعوا أصولا وحاربوا من دعاهم إليها ، وآخر قصر الدين على بعض الشئون ، وخامس فهم أن الإسلام هو كل ما هو شديد فشددوا على أنفسهم وعلى الناس ، وفريق تساهل في كل شئ ، وسابع تسرع في الكفر والتكفير ، وآخر اعتقد أن للقرآن باطنا يخالف الظاهر ، وتاسع انطلق من خلال مفهوم خاطئ للولاية ، وبالتالي تنوعت أفهام الناس عن الاسلام على أنه : حدود العبادة الظاهرة ، أوالخلق الفاضل أوالروحانية الفياضة ، أو الغذاء الفلسفي للعقل والروح ، أو المعاني العملية الحيوية ، أو العقائد الموروثة والأعمال التقليدية ، هذه هي نظرة الناس وفهمهم للاسلام الحنيف ، فظهرت كما يقول أ/ جمعه أمين دعوات كثيرة تفتقد الى الفقه الدقيق والفهم العميق وكان منها ، من يتستر خلف شئ من الهدي الظاهر، ويهمل التكاليف الحقيقية الشاقة الطويلة الغالية الثمن ويحصر دعوته في ذلك ويقصرها على رواد المساجد ، ينتفض انتفاضة الأسد إذا انتقص فضل ، ويغمض عينيه إذا هدم فرض وأزيل واجب ، ومن يرى نصرة الإسلام في الخروج في سبيل الله لدعوة الناس لبعض العبادات من صلوات وأذكار ودعوات رقيقة وحسن وضوء وتلاوة قرآن ، ومن تشدد وتعسف ، وأفرط وغالى ، فقطع الأوصال والارحام ، وحارب في غير ميدان ، وفاصل الجميع وساواهم بالكافرين ، واختلط عليه الولاء والبراء ،وقد أحسن الإمام البنا وصف حال المسلمين مع الإسلام بقوله " خلعوا عن الإسلام نعوتاً وأوصافاً ورسوماً من عند أنفسهم, واستخدموا مرونته وسعته استخدامًا ضارًّا مع أنها لم تكن إلا للحكمة السامية, فاختلفوا في معنى الإسلام اختلافًا, وانطبعت للإسلام في نفس أبنائه صور عدة تقرب أو تبعد أو تنطبق على الإسلام الأول الذي مثله رسول الله وأصحابه خير تمثيل "

وجاء الإخوان
في موعد مع القدر ، وفي ظل هذا المناخ المتردي الذي ضاع فيه الإسلام وفهم على غير مقاصده ، جاء الامام البنا ، وكأن الله عز وجل قد ألهمه الطريق الصائب لنفض الغبار عما علق بمفهوم الإسلام في الأذهان، وإبراز صورته الصحيحة الشاملة المتكاملة ، وكما يقول أحد تلامذته أ/ طلعت الشناوي " جاء الإمام جامعاً بين الفهم الشامل الصحيح للقرآن ولهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبين الدراسة العميقة للتاريخ وتجاربه , ولسنن الله فى التمكين , وكذلك البصيرة النافذة لواقع الأمة الإسلامية وتشخيص دائها ومعرفة وسائل العلاج وأولوياته" ، فأعاد الإمام البنا بدعوته المتكاملة هذا الفهم السليم الذي كاد أن يندثر ، وحملت الجماعة هذا الفهم ودعت إليه ، وتحملت في سبيل تثبيته في المجتمع الكثير من المحن والابتلاءات والدماء والشهداء ، فكم من دماء سفكت وأطفال يتمت ونساء رملت وأمهات ثكلت حتى ثبت هذا الفهم عبر هذه السنين الثمانين ، ففى زمن اختلطت فيه الغايات ما بين المادية الطاغية والشهوات الهابطة والرغبات الدنيئة ، ردد الإخوان "الله غايتنا" ، وفى زمن غابت فيه القيم واعتلى دائرة المثل الأعلى أسافل الناس هتف الإخوان " الرسول قدوتنا" ، وفى زمن تزاحمت فيه المناهج والافكار والشرائع والقوانين ، أعلن الإخوان "القرآن دستورنا " ، وفى زمن تفرقت فيه السبل مابين مسالك الشيطان ودروب الهوى ، جهر الإخوان "الجهاد سبيلنا" ، وفى حين داعبت الغفلة الأمانى واستولت الشهوات على القلوب نطقت أفئدة وأرواح وألسنة الإخوان " الموت فى سبيل الله اسمى امانينا " ، ومضت الدعوة قوية شامخة بهذا الفهم ، رغم مرور ما يقارب ثمانين عاما ، إلا أنها ماضية فى طريقها على نفس المبادئ , لم تنحرف أو تتبدل أو تنطفئ شعلتها أو تنكس رايتها , برغم كل المحن والمؤامرات وكل المعوقات والتضييق والإيذاء ، وتتوالى الأجيال وتتلاحم فى هذه الدعوة وهى على نفس الدرب والمبادئ والأهداف التى تجاهد من أجلها , حتى أصبحت هى الطليعة الرائدة فى ميدان المعركة بين الإسلام والباطل , وأصبحت – بفضل الله – أمل الأمة الإسلامية فى مشارق الأرض ومغاربها لتقودها لاستعادة مجدها بإذن الله . نرى ذلك بعين اليقين , فندرك أن ذلك بفضل الله وبركته ورعايته لهذه الدعوة , وندرك أيضا مدى قوة التأسيس , والتربية وإعداد الرجال فى هذه الجماعة على يد الإمام الشهيد , والرعيل الأول.

إسلامنا
جاء الإمام البنا وحال الأمة في فهم الإسلام على ما سبق بيانه ، فجعل قوله تعالى ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيْلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيْرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِيْ﴾ (يوسف: 107) منطلقا لدعوته ، فبين أن إسلام الإخوان المسلمين قائم على ركائز ثلاث ، يعتقدها الإخوان ويؤمنون بها ويعملون ويدعون ويضحون في سبيلها :
1- يعتقد الإخوان المسلمون أن أحكام الإسلام و تعاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنيا و الآخرة , وأن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحي مخطئون في هذا الظن , فالإسلام عقيدة و عبادة ، ووطن و جنسية ، ودين ودولة ، وروحانية وعمل ، ومصحف وسيف ، فأيقن الإخوان أن الإسلام هو هذا المعنى الكلي الشامل, وأنه يجب أن يهيمن على كل شؤون الحياة وأن تصطبغ جميعها به و أن تنزل على حكمه , وأن تساير قواعده و تعاليمه و تستمد منها ما دامت الأمة تريد أن تكون مسلمة إسلاما صحيحًا
2- يعتقد الإخوان المسلمون أن أساس التعاليم الإسلامية و معينها هو كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم , اللذان إن تمسكت بهما فلن تضل أبدا , و أن كثيرا من الآراء و العلوم التي اتصلت بالإسلام و تلونت بلونه تحمل لون العصور التي أوجدتها و الشعوب التي عاصرتها، و لهذا يجب أن تستقي النظم الإسلامية التي تحمل عليها الأمة من هذا المعين الصافي معين السهولة الأولى ، وأن نفهم الإسلام كما كان يفهمه الصحابة و التابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم ، وأن نقف عند هذه الحدود الربانية النبوية حتى لا نقيد أنفسنا بغير ما يقيدنا الله به , و لا نلزم عصرنا لون عصر لا يتفق معنا.
3- يعتقد الإخوان المسلمون أن الإسلام كدين عام انتظم كل شئون الحياة في كل الشعوب و الأمم لكل الأعصار و الأزمان , جاء أكمل و أسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة وخصوصًا في الأمور الدنيوية البحتة.

ومن هنا أدرك الإخوان بأنه لا يمكن أن ينصلح حال الأمة إلا إذا صلح تَصوُّرُها عن دينها أولاً، وأنه منهجٌ متكاملٌ للحياة ، وصالح لكل زمان ومكان ، ولقد صدق الإمام البنا حينما بين أن دعوة الإسلام بهذا الفهم " قد امتدت طولا حتى شملت آباد الزمن ، وامتدت عرضا حتى وسعت آفاق الأمم ، وامتدت عمقا حتى استوعبت شئون الدنيا والآخرة " .

فهم الإخوان
كانت انطلاقة الإمام البنا ، وكانت كلمات المؤسس رحمه الله " ولكننا أيها الناس فكرة وعقيدة , ونظام ومنهاج , لا يحدده موضع ولا يقيده جنس ولا يقف دونه حاجز جغرافى ولا ينتهى بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها ذلك لأنه نظام رب العالمين ومنهاج رسوله الأمين " والتي على أساسها تحركت دعوة الإخوان ، فغرست عبر 80 عاما في نفوس الإخوان وأبناء الأمة جميعا ، أن الفهم الصحيح الشامل هو محور الارتكاز، وهو العامل الأساسي الذي يجب توفره من أجل سلامة المسير، وأنه المشرب الذي يستقي منه أبناء الدعوة ، وأن المخلص العامل الذي لا يحسن الفهم الصحيح، ولا يُنزِل الأمورَ منازلها قد يضل ضلالاً كبيرًا، والخوارج أكبر دليل عملي على ذلك ، وأن الفرق بين الحفظ والفهم كالفرق بين الجسد والروح، فالحفظ جسد والفهم روحه ، وأن العبرة ليست بكثرة المعارف والمحفوظات والأعمال، وإنما العبرة بجودة الفقه وصحة الفهم وسلامة الإدراك ، وأن التمكين لدين الله لن يتم إلا على أساس الفهم الصحيح الشامل للإسلام الذي جاء به الحبيب محمد- صلى الله عليه وسلم- دون تحريف أو تقصير أو اجتزاء ، وأن الإسلام لا يمكن تطبيقه وتحقيقه في أرض الواقع بفهم ناقص أو بفهم قاصر أو بفهم منحرف أو فيه خطأ في التصور والاعتقاد ، وأن الفهم الصحيح يمهد الطريق للعمل الجاد على بصيرة، وأن صاحب الفهم الصحيح صاحب بصيرة نافذة ووعي تام ، وأن الفهم الصحيح هو مرجعيتنا عند الاختلاف أو بروز صورة للانحراف عنه ، وأن الفهم الصحيح للإسلام ضد الفهم الضيق الذي يحصر الإسلام في جانب أو ناحية أو جزء منه، فالإسلام كلٌّ لا يتجزأ ، وأن الدعوة للإسلام لا يصلح معها إكراه، ولا تنتشر بإجبار، ولا تستمر بضغط، بل هو فهم وإدراك وإقناع ، و أن الفهم الصحيح للإسلام ضابط لكل عمل ولكل اجتهاد ولكل خلق وسلوك من أن ينحرف بصاحبه عن الجادة ، واستمرت مسيرة دعوة الإخوان عبر 80 عاما وهي على هذا الفهم في حدود أصول الفهم العشرين التي وضعها الإمام البنا، والتي تهدف إلى: إدراك الفهم الصحيح للإسلام، العمل الراشد للإسلام والتجمع حوله، والحذر من خط الانحراف، وجمع المسلمين على فهم واحد، وتضييق شقة الخلاف بين العاملين للإسلام ، وأن واجبنا هو السعي لإحياء الفهم الذي كاد أن يندثر .

فوائد جمة
لله در ابن القيم رحمه الله حين قال " صحة الفهم نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده فيميز به بين الصحيح والفاسد ، والحق والباطل ، والهدى والضلال " ، ومن هنا أدرك الإخوان أن للفهم فوائد جمة ، وثمارا يانعة ، على الفرد والجماعة والأمة والمجتمع ومن ذلك :
1- يحفظ للجماعة خطها الإسلامي الصحيح، وينفي عنها خبثها ومحاولات الالتفاف عليها.
2- يمنع ظهور المدارس الفكرية المتعددة داخل مدرستنا الدعوية الموحدة، بل هو مشرب واحد ومنبع واحد.
3- يمنع كل ما هو دخيل على الإسلام أن يلحق به، ولا يسمح بأي فكرة مناهضة بسبب عاطفة أو تساهل في إحداث بلبلة داخل الجماعة المباركة.
4- يعين على حسن التطبيق، ويعين على سلامة العمل، ويقي من العثرات .
5- يحمي المسلم والجماعة والأمة من الخطأ والانحراف في التصور والاعتقاد والسلوك .
6- يحرر العقيدة من زيف الجمود وما يمكن أن يداخلها من أوهام وشبهات.
7- يكسر الجمود الذي أصاب العقل بالتقليد وغلق باب الاجتهاد على السواء.
8- يحمي المسلم من اتباع الهوى والظن أوالانحراف، ويعينه على تحديد إطار الفهم السليم بعيدًا عن الغلوِّ والتجاوز.

مجالات الفهم
حينما قال الإمام البنا في رسالة المؤتمر الخامس " إن ميدان القول غير ميدان الخيال ، وميدان العمل غير ميدان القول ، وميدان الجهاد غير ميدان العمل ، وميدان الجهاد الحق غير ميدان الجهاد الخاطئ " أدرك الإخوان المسلمون عبر تاريخهم الطويل أن العاملين للإسلام بحاجة إلى الفهم الصحيح ، من أجل تصحيح المسار ، حتى نوجد الإسلام في أرض الواقع بصورة صحيحة ، فقد يصح فهم المسلم لغايته ويخطئ في الوسيلة أو إسلوب التغيير ، وقد يصح له ذلك فيخطئ في المنهاج الذي يسير عليه ، أو في إحدى طرائق الدعوة أو التربية ، ولذلك أيقن الإخوان أن المجالات التي يجب ان نعمل فيها الفهم هي (الغاية التي نسعى لها- الوسيلة التي نستخدمها- التغيير الأمثل الذي نسلكه- المنهاج الصحيح الذي نعتمده- الهوية التي يجب أن نحملها- الجهاد الحق الذي نشعله- طرائق الدعوة والتربية التي ننتهجها.. إلخ).

محطات هامة
1- الفكرة الجيدة عند الاخوان يتوقف نجاحها على أمور ثلاثة ( أن يتصورها أهلها تصورا صحيحا ، أن يؤمنوا بها إيمانا عميقا ، أن تجتمع قلوبهم عليها اجتماعا قويا ) .
2- الفهم الصحيح يتطلب ( الإيمان بهذا الفهم الصحيح الشامل - العمل به - دعوة الناس جميعًا إليه - حمل الناس جميعًا على العمل به ) وأن نتحمل في سبيله ما قد نلاقيه .
3- معوقات أمام صحة الفهم ( النظرات الجزئية المتناثرة - السطحية في التفكير - اهدار الوقت والموارد - الخلط بين الوسائل والغايات )
4- الفهم الصحيح الشامل يعاني من ( تحريف الغالين - انتحال المبطلين - تأويل الجاهلين ) .
5- يجب علينا ( تحري الوقوع في الخلط والغلط - التزام الفهم السليم دون إفراط أو تفريط او مغالاة او نقص )
6- الانحراف عن الفهم الصحيح للإسلام سببه ( جهل أو اتباع الهوى ، أو إعجاب برأي ، أو تأويل خاطئ، أو جعل القرآن تابعًا لا متبوعًا) .

نتيجة الفهم
كانت النتيجة الطبيعة لهذا الفهم الصحيح الشامل عبر سنوات الدعوة الثمانين ، أن كان الإخوان المسلمون جماعة تلتقي عندها آمال محبي الإصلاح، والشعوب المستضعفة، والمسلمين المصادرة حقوقهم ، فهم
1- دعوة سلفية، إذ يدعون إلى العودة إلى الإسلام، إلى معينه الصافي، من كتاب سنة الصلاة .
2- طريقة سنية: لأنهم يحملون أنفسهم علي العمل بالسنة المطهرة في كل شيء، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً.
3- حقيقة صوفية: إذ يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، وسلامة الصدر، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق، والحب في الله، والأخوة فيه سبحانه.
4- هيئة سياسية: لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج، وتربية الشعب على العزة والكرامة والحرص عليى قوميته إلي أبعد حد .
5- جماعة رياضية، يعتنون بالصحة، ويعلمون أن المؤمن القوي هو خير من المؤمن الضعيف، وأن تكاليف الإسلام لا تُؤدى إلا بالجسم القوي، والقلب الذاخر بالإيمان، والذهن ذي الفهم الصحيح.
6- رابطة علمية وثقافية، فالعلم في الإسلام فريضة يحض عليها، وعلى طلبها، ولو كان في الصين، والدولة تنهض على الإيمان.. والعلم.
7- شركة اقتصادية، فالإسلام يُعنَى بتدبير المال وكسبه، والنبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: "نعم المال الصالح للرجل الصالح" و(من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفورًا له).
8- فكرة اجتماعية، يعنون بأدواء المجتمع، ويحاولون الوصول إلى طرق علاجها وشفاء الأمة منها.
وهكذا نرى أن شمول الإسلام قد أكسب فكرتنا شمولاً لكل مناحي الإصلاح، ووجه نشاط الإخوان إلى كل هذه النواحي، وهم في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم إلى ناحية واحدة دون غيرها يتجهون إليها جميعًا ويعلمون أن الإسلام يطالبهم بها جميعًا.

مسك الختام
لقد حرص الإمام البنا على الفهم الصحيح، وبدأ أركان البيعة بالفهم، ووضع له أصولاً عشرين؛ لتشمل كافة النواحي العقائدية والعبادية والفكرية التي يمكن أن يتعرَّض لها الأخ في مسيرته الدعوية؛ لتمثِّل له سياجًا حاميًا من الزَّلل والانحراف، لقد جعل الإمام الفهم الركن الأول من أركان البيعة ؛ ليحمي الصف من الخطأ أو الانحراف، ومن هنا فإن كلُّ أخ بايع الله في هذه الدعوة يجب أن يجعل من نفسه حارسًا أمينًا على هذا الفهم من أي تغيير أو انحراف؛ وإن الوفاءً ببيعته مع الله، يستوجب عليه أن يلتزم بحدود هذا الفهم في حركته وعمله ، وخطبه وأحاديثه ، و تأليفه و كتابته ، وفي تصريحاته العامة والخاصة ، وفي مجالسه العلنية والسرية .

السبت، ١٥ مارس ٢٠٠٨

رؤية تربوية للانتخابات المحلية


المحليات لماذا
إن المتابع المنصف للمناخ السائد للحريات في مصر ، والواقع المعاش ليؤكد أن دخول الانتخابات المحلية في هذا المناخ لا جدوى منه ولا فائدة من ورائه ، وهذا رأي كل عاقل بصير ملم بالساحة السياسية ، وربما يصل الأمر بكل ذي لب أن يخطئ من يتقدم لهذه الانتخابات في ظل هذه الأجواء ، ورغم ذلك تقدم الإخوان لخوض الانتخابات مرددين " سنتصدَّى للفساد.. سنتصدَّى لغلاء المعيشة.. سنتصدى لتردِّي التعليم.. سنتصدى لتردِّي المرافق والخدمات.. سنتصدَّى للاحتكار والاستغلال.. سنتصدَّى للانحراف في الأجهزة والإدارات.. سنتصدَّى للرشاوى والمحسوبيات.. سنتصدَّى لكل ما يحُول بين المصريين والحياة الكريمة في وطنه" بهذه الكلمات ورغم المناخ السائد ،أعلن الإخوان المسلمون عن هدفهم ورغبتهم من المشاركة في انتخابات المحليات ،

لا تحسبوه شرا لكم
قالها رب العزة تبارك وتعالى وهو يربي الصف المسلم حينما تعرضوا لأخطر قضية واجهتها العصبة المؤمنة ممثلة في " حادثة الإفك " مبينا لهم أن الخير دائما في كفة المؤمنين مرجح على الشر ، ودائما يرى المؤمن في كل الأحداُث التي تقع معه وله بأن فيها أوجه خير قد لا يعلمها الآن ، ولكنها ربما تتكشف له بعد حين ، والأخ الصادق لا يرى أن الأحداث تقاس بالإيذاء والضرر المادي والأدبي الذي يقع على الصف وفقط ، بل هناك مقاييس أخرى تقاس بها الأحداث بخلاف الإيذاء الواقع على أصحاب الدعوات ، ، وما انتخابات المحليات بخارجة عن هذا القانون الإلهي ، فهي خير لنا على كل حال ، وإن الدعوة تعيش في هذه المرحلة ملامح مكسب كبير وخير كثير على كافة الأصعدة، ومن هذا الخير :

1. أن ينكشف أمر النظام ومدى خشيته من أي مشاركة للإخوان في أي انتخابات ، بدءاً بإنتخابات النقابات العمالية مروراً بإنتخابات مجلس الشورى وحتى إنتخابات الطلبة إلى انتخابات المحليات الحالية ، فأصبح النظام يخشى أى إنتخابات تشاركون فيها ، ولم يعد النظام يخشى أحدا سواكم ،أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
2. أن ما يمارسه الأمن مع الجماعة وأفرادها من حملات إعتقالات موسعة وصلت إلى 831 معتقل حتى الآن ومطاردة الآخرين ، وانتهاك لحرمة بيوتهم ، واستيلاء على ممتلكاتهم ومصادرة أموالهم وأغراضهم ، وقد نبهنا الإمام البنا رحمه الله إلى وقوع هذه الأمور وربط على أيدينا بقوله " حينئذ تكون قد بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات " ، ولكنها في المقابل أفعال تعكس حالة الهيستريا التي أصيب بها النظام ، وهي هيستريا الخوف من الإخوان ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
3. أن يدخل النظام في نفق الاستبداد والفساد المظلم ، وأن يفقد النظام عقله بعد ما تأكد من فقدان شعبيته، وتآكُل شرعيته، وتهديد مصالحه الشخصية ، فيحول الدولة بكامل هيئاتها ومؤسساتها ورجالاتها إلى تابع للجهاز الأمني في دلالة على هزيمته الداخلية، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
4. أن تتحول كل سيناريوهات النظام في انتخابات المحليات إلى سيناريو واحد فقط ، وهو مواجهة الاخوان بيد من حديد عبر خطوات سبعة تتمثل في ( تبكير الاعتقالات في صفوف الإخوان قبل الترشيح - تعقيد الإجراءات لطلبات الترشيح والتدقيق فيها - استبعاد من أفلت من الإجراء السابق و منعه من الجولات الانتخابية - تمزيق اللافتات الخاصة بالدعاية لهؤلاء المرشحين دون غيرهم - حصار المقرات التي بها شعبية لمرشحي الإخوان ، وغلق الطرق المؤدية إلى الصناديق يوم الانتخاب - تسويد البطاقات في غيبة الإشراف القضائي - تغيير النتيجة إن أفلت مرشح الإخوان من المراحل السابقة ) ، إن كل هذه التجاوزات ما هي إلا إجراءاتٌ يقوم بها النظام دون وعيٍ، ليؤكد أنه بات عاجزًا عن منافسة الإخوان، بل وأعلن إفلاسه ، وكأنه يُعِد الساحة لقدوم البديل ولا بديل مهيَّأً حالياً إلا الإخوان، وأصبح السؤال هو: متى سيجلس الإخوان على منصة الحكم رغم كل ما يحدث؟، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
5. أن يبلغ عدد المرشحين الذين استكملوا أوراقهم رغم الإجراءات الأمنية 5754 مرشحًا، وحينما تقبل أوراق 498 منهم رغم الإجراءات الأمنية ، فهي دلالة على ضعف الإجراءات الأمنية وتخاذلها أمام إصرار الإخوان ، وفشلها في حصار الإخوان مهما اوتيت من قوة ، أليس هذا خير لكم ؟ أليس هذا نصر من الله وفتح قريب ؟
6. أن تبلغ عدد الدعاوى التي رُفعت أمام القضاء الإداري حوالي 3912 دعوى تم الفصل لصالحنا في 2664 منها بتمكين المرشحين من تقديم أوراقهم، أو إدراج الأسماء بكشوف المرشحين، وجارٍ الفصل في بقية القضايا ، في دلالة على عدالة قضيتكم ومطالبكم أماء القضاء ، والتفاف القضاء العادل النزيه حول حقوقكم السياسية ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
7. أنَّ يعلنها النظام حربًا شرسةً على الإخوان في الحريات والأرزاق سلاحه فيها البلطجة، ويعلنها الإخوان سلاحنا هو تعرية النظام وكشف ضعفه وتخلفه وانقلابه على مصالح الشعب والوطن وفضح ألاعيبه مهما استخدم من بطشٍ وإرهاب، كاسرين بذلك حاجز الخوف لدي الصف من بطش النظام وجبروته ، و كسر الهاجس والحاجز الأمني لدى قطاع كبير من الشعب، بل وتنامي مشاعر الرفض للممارسات والتجاوزات الأمنية المتكرِّرة في حق المواطن المصري أليس هذا خير لكم ؟ أليس هذا نصر من الله وفتح قريب ؟
8. أن يصر الإخوان على المشاركة في هذا المناخ فإن ذلك التمحيص الحقيقي للصف ، وهو أقوى من كافة الوسائل التربوية المعهودة لدى الإخوان لتحقيق هذا التمحيص ، بل وتتجسد قيمة تربوية أخرى وهي الثبات الحقيقي للصف من خلال جهاد المراغمة مع النظام وبطشه ، فنزول الأفراد للانتخابات رغم علمهم بما ينتظرهم ، وتركهم لبيوتهم ومنازلهم ، وأن يعيشوا حياة المطاردين طوال الفترة الانتخابية ، إنه نعم التمحيص ونعم الثبات ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
9. أن يبرز دور لبيوتنا لم يتوقعه البعض، فالبيوت الصامدة برغم الاعتقالات، الزوجة الثابتة وقد اعتقل زوجها وشعارها (ربح البيع)، وأن تقسم كل زوجة "نحن بنات البنا والقسام نُبايع على الجهادِ، فما بيوتنا- والله- بعورة "، وأن تغادر الزوجة وأولادها بيتها بعد انتهاك قوى الظلم له تكرارار ومرارا في غياب الزوج ، وبعدما طالت يد البطش الأمني وسلوكياته بيتها مرددة "كان هذا فيك يا رب" ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
10 أن تنكشف لكم أحزاب المعارضة السياسية التي هرولت كعادتها إلى أحضان الحزب الحاكم وانصياعها له مقابل الحصول على بعض المقاعد لهم في هذه الانتخابات ، كما حدث في صفقة الاسماعيلية ، مما يعني إلغاء الحياة السياسية والتعددية السياسية، والتخلص من الديكور الذي أصرَّ عليه الحزب الحاكم طوال عمره عبر صفقاتٍ مكشوفة، وسكوت تلك الأحزاب عن التجاوزات الأمنية مع الإخوان ، وترك الساحة هروبا من المواجهة ، حتى لا يركن أحد من الإخوان على تلك الأحزاب كأمل للتغيير ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
11 أن تنكشف النخب المثقفة والتي كانت تطالب الإخوان بالتحرك ، والنزول إلى الشارع في مواجهة الاستبداد ، وحينما نزل الإخوان لم نجد لهم نصرة للحق ، وأن يلتزموا الصمت تجاه ما يحدث من اعتقالات وانتهاكات لحقوق وحريات الاخوان ، وترك الساحة هروبا من المواجهة ، حتى لا يركن أحد من الإخوان على تلك الأحزاب كأمل للتغيير ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .
12 أن ترتفع كفاءة كوادر الجماعة في العمل العام في ظل هذه الأجواء والمناخات ، وأن تظهر كوادر ورموز إخوانية جديدة تقود العمل السياسي والاجتماعي ،وأن تشارك الأخوات لأول مرة في انتخابات المحليات وأن تبرز رائدات للمجتمع منهن لأول مرة على الساحة ، أليس هذا خيرا لكم ؟ بل نصر من الله وفتح قريب .

ختاما
إن الخاسر الوحيد في هذه الانتخابات المحلية يتمثل في النظام الذي فقد شعبيته، وتآكُلت شرعيته ، وأحزاب المعارضة التي ارتضت لنفسها أن تقف في موقف الضعيف وامتنعت عن المشاركة في التغيير أواتخاذ مواقف حقيقية في نصرة الحق ، وباعت نفسها وارتمت في أحضان النظام الفاسد المستبد ، وكل القوى الوطنية والأحزاب والجمعيات الأهلية التي نجح النظام في إبعادهم عن المشاركة في أي عمل وطني سياسي أو اجتماعي ، أما على مستوى الإخوان ، فهم فائزون بكل المقاييس رغم كل التضحيات ، بدا من تحقيق التمحيص الحقيقي للصف ، فالانتخابات رغم قسوتها ليست بجديدة عليهم ، وسيخرج منها الإخوان بتجربة تضاف إلى رصيد تجاربهم السابقة ، مكتسبين منها الخبرات الميدانية ، وتطوير الأداء السياسي والدعوي والإعلامي والمجتمعي لأفراد الصف ورموزه ، محققين المزيد من الالتفاف الجماهيري حول الجماعة ومبادئها ورموزها ، منتظرين لحظة الحسم الكبرى في المواجهة الحتمية مع النظام المستبد ، وما انتخابات تركيا وباكستان عنا ببعيد ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

الاثنين، ٣ مارس ٢٠٠٨

انتصار العزة في محرقة "الشتاء الساخن "


منحة لا محنة
المؤمن يرى في المحنة رغم الآلام بعضا من الأنوار الإلهية ، ففيها دعوة استيقاظ من الغفلة ، وتقوية للإيمان والثبات على الحق ، والمؤمن يرى المحن منحا والبلايا عطايا ، فإن عظم الجزاء مع عظم البلاء ، والمحن تطهير للآثام والذنوب ، ومن هنا فقد كانت محرقة الشتاء الساخن بشمال غزة ، نصرا عزيزا ومنحة ربانية ، وكانت فرجاً من بعد كرب، وفرحاً من بعد حزن، و إكراماً من بعد إجرام، و قوة من بعد ضعف، وكانت نصرة من السماء بعد خذلان الأرض ، فمن جوف المحنة تخرج المنحة، من شدة الظلمة تشتعل أضواء الأمل، قالها رب العزة " ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب " ومهما تخلى القريب والبعيد عن المجاهدين ، فهم يذكرون قوله تعالى " وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير " .

غزة أم عِزة
غزة هاشم هي غزة العزة والإباء ، غزة الحرية والكرامة ، غزة الجهاد وبوابة الاستشهاد ، أرادوها نموذجا للانهزام فأصبحت نموذجاً للثبات، توالت عليها المحن وتنوعت فلم تركع ، خططوا لاغتيال قادتها ورموزها فلم تركع ، حاصروها من كل اتجاه فلم تركع ، قطعوا عنها الامدادات البترولية والكهربائية فلم تركع ، بقيت شهورا بلا طعام ولا مؤن ولا دواء فلم تركع ، تعرضت لهجوم كاسح من الصهاينة المجرمين عدة مرات فلم تركع ، وأخيرا أشعلوا لها محركة الهولوكست الجديدة فلم تركع ، وأعلنوها محرقة الشتاء الساخن فلم تركع ، وهي في كل يوم ومع كل دفقة دم من شهيد تفضح المتآمرين عليها، فالصهاينة ومن معهم يريدون كسر هذا النموذج وتحطيمه ، لتنهار معه الإرادة الإسلامية في كل مكان، تمنوا أن يجعلوها عبرة للمسلمين ، ولكنها غدت رمزاً للتحدي والصمود والممانعة والصبر والثبات والشموخ والعزة والكرامة ، وهي لم تبال بمن خذلها، ولا بمن خالفها، أقريب هو أم بعيد، أعربي هو أم أعجمي، بل بقيت ماضية في طريقها طريق العزة .

انكشاف المستور
قالها تعالى " وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين " وهذا درس من أروع ما تجلى في المحرقة الصهيونية الأخيرة ، وما تبعها من احداث وما ترتب عليها من نتائج ، لقد فضحت المحرقة أعداء الأمة من داخلها وخارجها، فأصبح واضحا جليا لكل ذي عينين ، من هم المستكينون والمنافقون والخانعون والبائعون لأمتهم ، والخائنون لإخوانهم وبني جلدتهم ، الذين يرقصون على أشلائها، ومنوا النفس بموتها قبل أن تموت ولن تموت بعون الله، والذين تعاونوا مع المعتدين وشربوا مع الغازي نخب الخيانة والجريمة في غزة،لقدسقطت الاقنعه واحترقت اوراق العملاء والخونه ، فقد جاءت تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية لتكون بمثابة الهجمات التحريضية على العمليات العسكرية بعد ترويجه لفكرة وجود القاعدة في غزة ، وقد اعترفت كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة "فتح" بأن المعركة في قطاع غزة ليست معركتها، بل هي معركة صهيونية ضد حركة "حماس" وما أسمته "بانقلابها على الشرعية"، مؤكدة أنها تلقت أوامر قيادية واضحة بعدم المشاركة في صد العدوان على القطاع ، وانكشف الخذلان العربي الذي وصل إلى تلك الدرجة من البرود تجاه الدم العربي المستباح أمام مرأى العالم ومسمعه ، الأمر الذي يؤكِّد أن الموقف العربي تعدَّى الصمت ووصل للمباركة وإعطاء المشروعية لما تشهده غزة من مذابح وتجويع .

أهداف مشتركة
وضحت أهداف المحرقة كما قالها وزير حرب العدو مجرمهم باراك "حينما نمنح الجيش الضوء الأخضر للعمل بكامل القوة، فالأهداف هي إحباط إطلاق الصواريخ، ومنع تهريب السلاح، وإضعاف حكم حماس وانحساره لمدى طويل، والانفصال التام عن قطاع غزة" ، ولعل الهدف الرئيسي في أجندة عباس هو تحريض العالم على حركة "حماس" من خلال ربطه بين الحصار والعدوان الصهيوني وصواريخ المقاومة، فلا فرق بين الجرائم والمذابح التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني وبين تصريحات عباس في القاهرة، والتي اعتبر فيها أن الصواريخ هي سبب العدوان والحصار الصهيوني، وإن تصريحات عباس تمكن من توفير الغطاء الشرعي للاحتلال الصهيوني بارتكاب المزيد من المجازر اليومية، وهى إنذار لأهالي غزة بالاستعداد للمحرقة القادمة عليهم، وهي تصريحات بمثابة مؤشر لإعلان حرب صهيونية جديدة ضد الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة الذي يسعى عباس إلى القضاء على حركة "حماس" وعلى المقاومة ، لإعادة سيطرته عليه ، وحينما يقول عباس إن رفع الحصار مرهون بوقف الصواريخ ,وعندما يطالب بوقف المقاومة العبثية ، فإن هذا ضوء اخضر لباراك وأولمرت في الولوغ بدمائنا , وفي المزيد من العدوان والإرهاب ، وقيادة حركة فتح و عناصرها قد نذروا أنفسهم لتحقيق هدف وحيد هو إسقاط حركة حماس من خلال التعاون الأمني و الاستخباري مع الموساد الإسرائيلي وتحولت حركة فتح إلى أحد فروع الأمن العسكري الإسرائيلي .

حصاد المحرقة
بلغ الإجرام الصهيوني مداه في عمليته الأخيرة في جباليا بشمال غزة ، حيث بلغ عدد شهداء "المحرقة" 124 شهيداً، ، بينهم 39 طفلاً و15 سيدة، واثنين من المسعفين ، تتوفي منهم 7 في مستشفيات مصرية ، وأن عدد الإصابات والجرحى يتمثل في إصابة 350 مواطناً، بينهم 92 طفلاً و42 سيدة، كما أن سبعة مواطنين بترت قدم واحدة لهم، وأن سبعة آخرين بترت أقدامهم بشكل كامل، وهناك 22 مصاب من بين الجرحى في حالة خطر شديد، وأن 35 إصابتهم في منطقة الرأس، و15 إصابتهم في العمود الفقري ،

اعتراف أليم
هزيمة مدوية تلك التي مني بها جيش الصهاينة أمام مجموعة قليلة من مجاهدي المقاومة ، حيث أقر وزير أمن الكيان الصهيوني بفشل العملية فشلاً ذريعاً، وأعلنها المجرم أولمرت : أمام لجنة الخارجية والأمن في البرلمان الصهيوني: "إن كل الوسائل واردة بالحسبان وجاهزة للرد" في اعتراف غير مباشر بفشل عملياته العسكرية وإعلان انسحابه من غزة ، كما أعلنها آفي دختر وزير "الأمن الداخلي" في الحكومة الصهيونية حينما أقر بفشل العملية العسكرية التي بدأت منذ يوم الأربعاء الماضي (27/2)، مشيراً إلى أن صواريخ المقاومة الفلسطينية مازالت تنهمر بكثافة أكبر من ذي قبل ،وقال الوزير قوله خلال جلسة الحكومة الصهيونية الأسبوعية اليوم الأحد (2/3): "إن الجيش الإسرائيلي وبعد خمسة أيام من المعارك، لم يتمكن من تحقيق غايته المتمثلة في وقف إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل"، وكررها ثانية "لم يتوقف إطلاق الصواريخ ولم تتوقف النيران ضدنا ولم نحقق الردع المطلوب، فما الذي تغير علينا في قطاع غزة؟" ، وكانت الصحافة الصهيونية قد وصفت ما يجري في شمال قطاع غزة على يد مجاهدي "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، بأنه "جيش يكاد أن يكون منظَّمًا"، وقالت إن "مقاتلي كتائب القسام هم عبارةٌ عن مقاتلين بارعين، ويمتلكون تكتيكات مدروسةً تمكَّنت من خلال ذلك إلى إرباك قواتنا المدرَّبة التي كانت في أرض المعركة شمال غزة، وقد أربكت جيشنا في أكثر من موقع" ، ونقل عن مسؤول عسكري صهيوني قوله إن القوات "تواجه منظمة عسكرية لا منظمة أنصار"، ووصف القتال في القطاع منذ فجر السبت (1/3) بأنه "معقد وصعب في منطقة مكتظة وهناك عدد كبير من المقاومين واحتكاك كبير داخل أحياء ومن الصعب التعرف على مصادر النيران" ، ويعلنها خبراؤهم العسكريون "إن المقاومة الفلسطينية استخدمت ، صاروخاً مدمراً من نوع جديد يستخدم لأول مرة، قوته التدميرية كبيرة جداً وتختلف عن باقي الصواريخ التي أطلقت" .

مقاومة رائعة
"إن مدى الصواريخ صار أبعد من ذي قبل ووصل إلى عسقلان وإلى نتيفوت (القريبة من اسدود) وأصبح الآن 250 ألف إسرائيلي تحت مدى الصواريخ الفلسطينية بدلاً من 125 ألفاً"، بهذه الكلمات عبر قائد عسكري صهيوني مبينا حجم المقاومة التي واجهتها القوات الصهيونية المتوغلة في شمال غزة ،وأقرت الصحافة الصهيونية بروعة المقاومة قائلة : "لقد أصيب جيشنا بالذهول والصدمة الرهيبة وغير المتوقعة، وذلك ناتج عن طبيعة شراسة القتال الذي يدور بين أروقة شوارع شمال قطاع غزة، حيث أبدى مقاتلو القسام البارعون صموداً منقطع النظير، لم نشهد له مثيلاً" ، وقالها آخر " إن القوات تواجه منظمة عسكرية لا منظمة أنصار"،.

قيادة راشدة
في تحد واضح للصهاينة الذين أعلنوا استهداف قادة حماس ، جاء الظهور العلني للدكتور محمود الزهار ، وبلسان العزة والقوة وجه د الزهار كلمته للصهاينةقائلا " قبل ان تفكروا في ضرب البيوت الآمنة في عزة ، فكروا في حماية مستوطناتكم التي ستجتاحها جحافل حماس في المرات القادمة " ، وفي أول تصريح له أعلنها رئيس الوزراء اسماعيل هنية " إن دماء أطفال غزة انتصرت والاحتلال الى زوال " ، وفي اجتماع حكومته أعلن "إنه تم تكليف وزارة الأشغال بحصر الأضرار الناتجة عن العدوان الصهيوني في مختلف مناطق قطاع غزة"، مؤكداً على أن الحكومة قررت صرف مساعدة عاجلة لكل بيت مدمر بقيمة 1000 دولار إلى حين استكمال بيانات وزارة الأشغال ، وأن الحكومة قررت صرف مائة دولار بشكل عاجل لكل جريح أصيب في العدوان الصهيوني، وقررت صرف طرود غذائية من وزارة الشؤون الاجتماعية لكل العائلات المتضررة من العدوان الصهيوني .

انتصار العزة
جاءت محرقة الشتاء الساخن خلال الأيام الأيام الخمسة السوداء ، لتعلن انتصار إرادة المقاومة وخيارها على خيار الاستسلام ، فانتصرت المقاومة حينما تلاحم معها الشعب الفلسطيني في جباليا وجبل الكاشف وعزبة عبد ربه وحي التفاح ، وحرموا انفسهم من الطعام والشراب وقدموه للمرابطين ، وحينما قدموا المال والولد ، وقدموا الأرض التي جرفت ، والبيوت التي هدمت ، وانتصرت المقاومة حينما استخدم الصهاينة بيوت جباليا حصونا وأهلها دروعا بشرية ، فتحولت عليها نارا ودمارا وتمت محاصرتهم من الأمام والخلف ، فانتصرت المقاومة حينما أصبح الصهاينة هم المحاصرون ،وانتصرت المقاومة بإرادة الصمود التى أبدتها فى مواجهة محرقة العدوان الصهيونى فلم تنكسر ، وانتصرت المقاومة بصواريخ القسام الجديدة التي طالت اليهود في نطاق أوسع ، فجرح رئيس بلدية سديروت وبعض مرافقيه ،وقاد أن يقتل الارهابي بيريز ، وانتصرت المقاومة حين تناثرت أشلاء الشهداء فوق ثرى جباليا لتكون نورا وشرفا للأمة ، ونارا على الطغاة والظالمين ، وانتصرت المقاومة حينما قنص الشهيد معتصم عبد ربه 3 جنود صهاينة فأرداهم قتلى ، فيسجد لله شاكرا فيتلقى قذائف طائرة استطلاع فيرتقي شهيدا في موقعة العزة ، وانتصرت المقاومة حينما أتقنت فن صناعة الموت ، وقدمت 124 شهيدا خلال الأيام الخمسة ،وهي تقدم الشهداء في كل مواجهة ، وانتصرت المقاومة حينما استولت حالات الإحباط والخوف والقلق الشديدة على نفسيات الجنود المشاركين في الحملة مما أصابهم بالهزيمة المعنوية ، وانتصرت المقاومة حينما أعلن والد أحد القتلى اليهود : لا ترسلوا اولادكم الى غزة ، وأعلنت والدة أحد القتلى " لقد قتل ولدي من غير هدف " ، وانتصرت المقاومة حينما اعلنت "إنا قادمون بالصواريخ والبنادق بمقاتلينا لا مفاوضينا ، بشهدائنا لا مستسلمينا "