الأربعاء، ٢٩ ديسمبر ٢٠١٠

إنا باقون على العهد



مقدمة
" قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين" هذه الآية ومثيلاتها من آيات القرآن كان لها ومازال دور عظيم في تربية الإخوان المسلمين حيث تبث فيهم أروع دروس الثبات على الطريق ومواصلة المسير والاستمرارية في البذل والعطاء والعمل المتواصل، حتى تلقى الله وهي على ذلك العهد الذي قطعته على نفسها بأن تفدي هذا الدين بأرواحها ودمائها وأموالها " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة" وذلك لإيمانهم بأن هذا هو الطريق الذي تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورُمي في النار الخليل، وأُضجع للذبح إسماعيل’ وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونُشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، وزاد على المقداد بكاءُ داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم

لماذا باقون
إن الإخوان باقون على العهد امتثالا لقوله تعالى" وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم"، والإخوان باقون على العهد ثقة ويقيناً في سلامة المنهج وصحة الطريق الذي نسلكه، رغم الصعاب والمعوقات التي نلقاها على هذا الطريق وذلك استجابة لقوله تعالى"وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله "، والإخوان باقون على العهد لأنهم فكرة وعقيدة، ونظام ومنهاج، لا يحدده موضع، ولا يقيده جنس، ولا يقف دونه حاجز جغرافي، ولا ينتهي بأمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ذلك لأنه نظام رب العالمين، ومنهاج رسوله الأمين، والإخوان باقون على العهد لأنهم ولا فخر ـ أصحاب رسول الله، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) ، والإخوان باقون على العهد حراساً أمناء على ثوابت هذه الدعوة المباركة، تقديراً لدماء الشهداء التي سالت على الطريق دفاعاً عن تلك الثوابت وتضحية في سبيلها، وتقديراً لكل من سبق على الطريق، والاخوان باقون على العهد مهما تجاوز الظالمون المدى ومهما تطاولوا في البنيان ومهما اشتد عودهم علينا وزاد بطشهم بنا، ومهما قست أقلام زبانيتهم في الإعلام على دعوتنا وقادتنا بالسب والشتم والتضييق والشبهات، وذلك التزاما بقوله تعالى " اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"

واجبات عملية
إنا باقون على العهد .. بأن يكون لنا ورد يومي من كتاب الله لا يقل عن جزء، وأن نحسن تلاوة القرآن و الاستماع إليه والتدبر في معانيه، وأن ندرس السير المطهرة و تاريخ السلف بقدر ما يتسع له وقتنا، و أن نكثر من القراءة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نحافظ على أداء السنن وأن نتقرب إلى الله بنوافل العبادة ومن ذلك صلاة الليل وصيام ثلاثة أيام من كل شهر على الأقل، والإكثار من الذكر القلبي واللساني، و تحرّي الدعاء في المذكور في كل الأحوال ، وأن نظل على وضوء غالب الأحيان وأن نحافظ على أداء الصلاة في أوقاتها وغي جماعة وفي المسجد ما أمكن ذلك .

إنا باقون على العهد .. بأن نكون صادقين فلا نكذب أبدأ، وأن نكون أوفياء بالعهد والكلمة والوعد ولا نخلف فيه مهما كانت الظروف، وبأن نمتلك الشجاعة والصراحة في الحق وكتمان السر والاعتراف بالخطأ والإنصاف من النفس وملكها عند الغضب، وألا ينسينا الغضب الحسنات وألا نغض الطرف عن السيئات ولا تحملنا الخصومة على نسيان الجميل ونقول الحق ولو على أقرب الناس إلينا وإن كان مراً

إنا باقون على العهد.. بأن نكون مدربين على العمل العام وتقديم الخدمات للأمة والمجتمع فنعود المريض ونساعد المحتاج ونحمل الضعيف ونواسي المنكوب ونبادر دائماً إلى فعل الخير، ونتحلى بالعفو والصفح واللين والحلم وحسن السلوك مع الناس جميعاً، نرحم الصغير ونوقر الكبير محافظين على الآداب الإسلامية الإجتماعية، وأن نؤدي حقوق الناس كاملة غير منقوصة، وأن نعمل على إحياء العادات الإسلامية وإماتة العادات الغريبة في كل مظاهر الحياة من لغة ولبس وطعام وشراب وأن نتحرى السنة المطهرة في كل شئ .

إنا باقون على العهد .. بأن نحافظ على فكرتنا من أي انحراف أو تشويه أو إساءة فهم، وألا نخدع بشبهات المبطلين حول دعوتنا وأن نبحر في فكر الإخوان قراءة ومطالعة وفهماً واستيعاباً، ثم دفاعاً عنه وعرضاً له على الآخرين وتقديمه في صورة حسنة وإقناع الآخرين به، وألا نستسلم لما يروج من أكاذيب وشائعات عن فكرتنا ودعوتنا

إنا باقون على العهد .. بأن نؤدي حقوق الدعوة علينا من بذل وتضحية بالمال والنفس والوقت، وأن نسهم بجزء من مالنا للدعوة وأن نؤدي ما علينا من زكاة مال، وأن نتجنب الاستغراق في الكماليات، فلن تقف الدنيا ومتاعها وزخارفها أمام القيام بأعباء الدعوة، ولن نغرق في بحر

إنا باقون على العهد .. بأن نجاهد أنفسنا حتى يسلس قيادتها، ومقاومة نوازع الغريزة في أنفسنا وأن نسمو بها إلى الحلال الطيب متجنبين الحرام بشتى أشكاله، بعيدين عن أقران السوء وأصدقاء الفساد وأماكن المعصية وأن نحارب أماكن اللهو وأن نبتعد عن مظاهر الترف، قد يصاب المرء بشئ من الانحراف الفكري أو الخلقي أو السلوكي نتيجة الضغوط الحياتية والمجتمعية والاعلامية ولكنه سرعان ما يعود إلى الله وإلى سبيله وصراطه المستقيم " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا "

إنا باقون على العهد .. بأن نعمل على نشر دعوتنا في كل مكان وأن نحيط قيادتنا علما بكل ظروفنا ولا نقدم على عمل يؤثر فيها جوهريا إلا بإذن، وأن نبقى دائمي الاتصال بقيادتنا ونعتبر أنفسنا دائما جنوداً في الثكنة تنتظر الأوامر، وأن نتخلى عن الاتصال بأي هيئة أو جماعة أو مؤسسة يكون الاتصال بها مضراً لدعوتنا وليس في مصلحتها وبخاصة إذا كانت تلك الجهات معادية لفكرتنا ومتصيدة لها الأخطاء، وأن نستصحب دائما نية الجهاد و حب الشهادة ونستعد لذلك ما وسعنا الأمر .

تلك هي واجبات دعوتنا التي يجب أن نلتزم بها ونحافظ عليها حتى نحافظ على عهودنا ونثبت على طريقنا

ختاماً
قد يترصد بنا الظالمون ويعتقلوننا ويشردوننا ويفتحون لنا السجون والمعتقلات ويحاكموننا ظلما وزورا أمام عسكرية جائرة، وقد تضيق السبل علينا وقد تسد المنافذ أمامنا وقد نحرم من بيوت الله ومن الاحتكاك المباشر بالمجتمع وقد نحرم من مجلس الشعب بالتزوير الفاضح والكيد الخبيث، وقد يشوهون صورتنا في الإعلام ويزيفون الحقائق عنا، وقد يحاولون شق الصف بإغراء البعض منا وخداعهم والسيطرة عليهم والتلاعب بهم، وقد تتطاول السنون وتتباعد السنوات ولم تحقق الدعوة أهدافها الاستراتيجية الكلية ومقاصدها العليا، ولكنا باقون على العهد ثقة في دعوتنا وصحة طريقنا، نحافظ على ثوابت جماعتنا وننصر دعوتنا ونحمي فكرتنا، ولن نتنازل عن الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولن نجر إلى وسائل واساليب ننكرها في دعوتنا، مهما حاربنا أعداء الدعوة بالشهوات والشبهات، فنحن على يقين من نصر الله مهما طال الظلم وتمادى الظالمون" إنا للنصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"

ونختم بوصية الإمام البنا " أيها الإخوان هذه منزلتكم، فلا تصغروا في أنفسكم، فتقيسوا أنفسكم بغيركم، أو تسلكوا في دعوتكم سبيلا غير سبيل المؤمنين ، أو توازنوا بين دعوتكم التي تتخذ نورها من نور الله ومنهاجها من سنة رسوله، بغيرها من الدعوات التي تبررها الضرورات، وتذهب بها الحوادث والأيام، لقد دعوتم وجاهدتم، ولقد رأيتم ثمار هذا المجهود الضئيل أصواتا تهتف بزعامة رسول الله وهيمنة نظام القرآن، ووجوب النهوض للعمل، وتخليص الغاية لله، ودماء تسيل من شباب طاهر كريم في سبيل الله، ورغبة صادقة للشهادة في سبيل الله، وهذا نجاح فوق ما كنتم تنتظرون، فواصلوا جهودكم واعملوا، (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) .. والله غالب على امره والله أكبر ولله الحمد




الاثنين، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٠

الإخوان وعودة الروح

مقدمة

" إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" بهذه الكلمات وصى نبي الله يعقوب أبناءه وغرس فيهم روح الأمل وعدم اليأس، بعدما فقدوا الأمل في عودة أخيهم يوسف، وأصحاب الدعوات اليوم مطالبون ببث هذه الروح في النفوس وبخاصة هذه الأيام التي شهدت نوعاً من الانهزام النفسي الذي أعقب الانتخابات الأخيرة.


وقفة هامة

أخي الحبيب رفيق درب دعوتنا، وحامل رسالتها وناصر فكرتها وحارس بوابتها، أحببت أن أقف مع نفسي ومعك هذه الوقفة التربوية، نتبين من خلالها صدق انتمائنا ونستبين طريقنا، مسترشدين بقول ربنا " أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون " وقوله تعالى " أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين " وأبدأ هذه الوقفة ونحن نمر بهذه الظروف الصعبة علينا وعلى دعوتنا في تلك المرحلة الحرجة والحساسة في تاريخ أمتنا، ونقف مع هذه التساؤلات، هل انتابتك وأنت على الطريق لحظات ضعف ووهن، فأصبت خلالها بخيبة أمل، أو شعرت بهزيمة مبادئك، أو أحسست بفشل خططك وبرامجك الدعوية؟ وهل أحسست يوماً بتطاول الزمان دون تحسن للواقع المعاش ودون وصول الدعوة لأهدافها المنشودة؟ وهل غلبك يوما ًالإنطباع بجدوى الحصار الطويل والتضييق الشديد وتجفيف المنابع الذي تفرضه قوى الظلم والبغي على الدعوة ونجاحه في تحقيق أهدافه؟ وهل اعتادت نفسك على إلف الأعمال الدعوية فأصبحت تؤديها بشكل روتيني كأنك موظف في مصلحة؟ ... هذه الأسئلة وغيرها كثير، تكشف لنا عن أعراضٍ تنذر بفقدان الروح الإخوانية والإنهزام النفسي على طريق الدعوة، مما يعني حاجتنا الملحة إلى عودة الروح من جديد إلى صفنا الإخواني، فكانت تلك الوقفة.


روح جديد

إن حديثي معك أخي الحبيب، ليس حديث تنظير وجدال عقيم، إنما هو حديث عن تلك الروح التي بثها فينا المؤسس بقوله "ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم "، والتي ربانا عليها حيناً من الدهر أساتذة الدعوة ومرشدوها ومن سبقونا على الطريق ، فكانت ثمرتها تلك الروح التي دفعت الإخوان للتسابق من أجل الالتحاق بكتائب المجاهدين في فلسطين وشعارهم " وعجلت إليك رب لترضى"، والتي جعلت الإخوان يقدمون على البذل والتضحية بأغلى ما يملكون من أجل دعوتهم ووفاء ببيعتهم محققين قوله تعالى " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة"، والتي حفظت الإخوان أثناء المحن المتلاحقة الشديدة في قسوتها، والطويلة في سنواتها، والرهيبة في بطشها، فلم تلن لهم قناة ولم يصابوا بيأس ولا قنوط ولم تفلح وسائل الطغاة في تحقيق الانهزام النفسي لهم، مدركين حقيقة الابتلاء على الطريق لقوله تعالى" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"، والتي عصمت الإخوان من أن يخدعهم بريق الإعلام ووجاهة الساسة وإغراءات السلطة في كل وقت وحين .


فقدان الروح

· حينما يضعف الإيمان في قلوبنا ويغيب الفهم العميق لدعوتنا من عقولنا ونتخلف عن العمل المتواصل لدعوتنا، وحينما تتقدم الدنيا على الآخرة في أولوياتنا، وحينما تتصارع مصالحنا الشخصية مع مصالح الدعوة، وحينما نسلم زمام أمورنا لأهوائنا الشخصية، وحينما تتغلب علينا الأمراض الفتاكة" الشح المطاع والهوى المتبع والدنيا المؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه " فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما يقل تواجدنا بالمساجد ولا نهتم بالصف الأول فيه، ونكسل عن صلاة النوافل وصيام التطوع وختام الصلاة، وحينما يضعف تواجدنا في صلاة الفجر، وحينما نحصر المأثورات في أذكار الصباح والمساء فقط، وحينما نختصر أذكار الصباح والمساء على الوظيفة الصغرى أو قراءة الأذكار مرة واحدة فقط، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما ينجح الظالمون في كسر إرادتنا وإصابتنا بالإحباط، وحينما نركن إلى شبهاتهم المثارة حول دعوتنا وفكرتنا وقيادتنا، وحينما نسلم لهم فيما ينشر في إعلامهم ونصدقهم فيما قالوا ونتحرك به، وحينما نسقط في شرك ضغوطهم وتهديداتهم فنستسلم لهم ونقبل سيناريوهاتهم، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما يكون الانفصال كبيراً بين قولنا وفعلنا، وحينما يكون البون شاسعا بين ظاهرنا وباطننا، وحينما يكون التناقض قائما بين واقعنا وواجبنا، وحينما نتحرك بأقوالنا لا أفعالنا ، وبمظهرنا دون جوهرنا، فقد فقدنا الروح الإخوانية، واستحققنا قوله تعالى "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون "

· وحينما نبحث عن المغنم في دعوتنا سواء كان ماديا أو معنوياً، وحينما تصبح الأنا هي المسيطرة علينا بحثاً عن مكانة أو زعامة، وحينما تنحط اهتماماتنا وننغمس في شهواتنا، ونركن إلى الدنيا وملذاتها وتصبح الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا ويتحقق فينا قول ربنا " منكم من يريد الدنيا"، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما نفتقد المصداقية والواقعية في كتاباتنا وننظر دائما الى النصف الفارغ من الكوب ويكون تركيزنا على السلبيات، ونكثر من النقد لدعوتنا وقيادتنا، وحينما نغفل الإنجازات والإيجابيات ولا نحب الناجحين ونعمل دائما على تشويه صورتهم ونبحث دوماً عن نقائصهم، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما يكون كلامنا بلا روح وإن كان عظيما في بيانه وسحره، وحينما تكون آراؤنا انهزامية تدمر الروح في الصف، وحينما تكون أفكارنا هادمة لثوابت الدعوة بحجة التعبير عن الرأي، وحينما تسيطر علينا الأماني الكاذبة وأحلام اليقظة، فقد فقدنا الروح الإخوانية

· حينما يزداد انجذابنا إلى الأرض والطين فتضعف الروح وتصاب العزائم بالوهن، ويصبح هم الواحد منا هو كيفية تحصيل أسباب الحياة المريحة له ولأبنائه، وينعكس ذلك على محيطه الدعوي بالسلب، ويصبح أداؤه أداء روتينيا يفتقد الحماس والروح، وحينما نتحين كل فرصة للهروب من القيام بأعمال الدعوة، وحينما نبخل على دعوتنا بالمال والنفس والوقت والحياة فقد فقدنا الروح الإخوانية

· كل ذلك وغيره يمكن أن يكون له أثر في إضعاف الروح الإخوانية عند العاملين للدعوة وللإسلام


آثار غياب الروح

إن غياب الروح الإخوانية له آثار شتى على الفرد والجماعة ومن ذلك :

· زيادة أعداد البطالة الدعوية وقلة عدد من يحملون هم هذا الدين وقلة عدد من يعمل على انقاذ نفسه وأمته من حوله، وكثرة المتربصين الباحثين عن السقطات والزلات، وكثرة الناقدين الجارحين

· تحول الأخ العامل في حقل الدعوة من كونه صاحب هم دعوي الى مستأجر وموظف يؤدي وظيفة، فيكون اداؤه للأعمال بلا روح، ينتظر دوما موعد الانصراف، يفرح كلما جاءت الاجازات ويحزن كلما زادت الأعباء، وبالتالي يزداد عدد الموظفين ويقل عدد أصحاب الهم فتتأخر الدعوة وإن بدت كبيرة، وتتأخر المهام وإن كانت الأعداد هائلة لأنها بلا روح، حينئذ تكثر أعداد الموظفين ويقل عدد العاملين، حينئذ يكثر الكلام والتنظير والجدال العقيم ويقل التطبيق والعمل، حينئذ نجد العمل بلا ثمرة والجهد بلا أثر

· تأخر النصر من الله، وتعطيل ركب الدعوة، وتخلف المشروع الحضاري الإسلامي، وعدم تحقق الأهداف المرجوة، وفقدان التأثير في المجتمع من حولنا، وعدم التفاف الأنصار حولنا

· شيوع روح الانهزامية والرضا بالواقع والانبهار باي تجربة تنجح ولو نجاحا جزئيا في بعض معالم الدين وان تخلت عن بعض ثوابته من ناحية اخرى، وهو انبهار يعكس الضعف والوهن الذي أصاب القلوب وجعلها تستطيل الطريق وترضى باي نجاح ولو كان زهيدا، وتقبل بأي حلول جزئية وأي تغيير سطحي

· فرض واقع المنهزمين على من حولهم والاجتهاد في تبرير ما يرونه برأيهم وما يفعلونه، رافعين في ذلك شعارات قد تقنع الاخرين وتدفعهم لتقليدهم في استرخائهم وانشغالهم بمصالحهم الشخصية على حساب العمل الدعوي مرددين( مصلحة الدعوة تقتضي ذلك – نحن جزء من مجتمع مريض – الزمان تغير ولابد من تغيير الوسائل) والكثير من التاويلات التي يتم تأويلها على غير وجهها الصحيح فيؤدي ذلك الى مزيد من الاستسلام للواقع


لابد من عودة

إن عودة الروح الإخوانية تتمثل في التزامنا بالقرآن والسنة ورسائل البنا في مناهجنا التربوية وخطواتنا العملية الحياتية والدعوية، والعودة من جديد إلى عهد المأثورات، وتتمثل في عودة تربية الزمن الجميل، وإن عودة الروح الإخوانية تتمثل في إيماننا بالدعوة التي ندعو الناس إليها وحمل همها والشعور بالخوف عليها إذا أهملنا في حقها، وفي قوة الحب للدعوة والإخلاص والتجرد لها والتضحية في سبيلها، وفي غلبة الروح فينا وأن تملك الدعوة قلوبنا وأفكارنا وتقهر شهواتنا وتذوب شخصياتنا، وحينما تكون ألسنتنا وكتاباتنا ومشاعرنا وأحاسيسنا تنطق بالدعوة وللدعوة في حرقة وشفقة ورغبة.

وإن عودة الروح الإخوانية تكون بمراجعة النفس وتبين حقيقة المسير والتثبت من صحة الطريق وتحسس مواضع الأقدام وتلمس علامات الطريق ومنارات الهدى، كي لا يضل الإخوان طريقهم ولا ينحرفوا عن جادة مسيرهم، وتكون بأن نتلمس سلوكياتنا ونجدد عهدنا بتجديد ايماننا ونصحح مسيرتنا بحسن أخلاقنا، وبأن نكون دعاة يتكاملون لا يتشاكسون يغوصون في الأعماق ولا يكتفون بالسطحيات، يصححون للناس مسارهم ويكونون قدوة لهم

إن عودة الروح الإخوانية هي واجب الوقت الذي يجب أن ينشغل به المربون مع إخوانهم في مثل هذه الظروف التي تمر بها الدعوة دوماً، ونختم بمقولة الإمام الشهيد حسن البنا "إن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ ما ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس والإرادات، وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما يقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة، وإني أعتقد – والتاريخ يؤيدني – أن الرجل الواحد في وسعه أن يبني أمة إن صحت رجولته، وفي وسعه أن يهدمها كذلك إذا توجهت هذه الرجولة إلى ناحية الهدم لا ناحية البناء . " هذه هي الروح الإخوانية التي نريدها، هيا بنا نعيدها لدعوتنا وجماعتنا، والله غالب على أمره، والله أكبر ولله الحمد .