السبت، ٢٧ أكتوبر ٢٠٠٧

صدق الإنتماء

صدق الإنتماء
بين نصرة الدعوة وحراسة الفكرة

تجمع أم جماعة
" إنه لا إسلام بلا جماعة ، ولا جماعة بلا إمارة ، ولا إمارة بلا طاعة " حقيقة خالدة أعلنها مدوية الفاروق عمر رضي الله عنه قبل ألف وأربعمائة عام ، قرر من خلالها أن قيام الإسلام لا يتحقق إلا من خلال جماعة تحمله وتنادي به وتدافع عنه وتجاهد في سبيله ، وهي مقولة يثبت الفاروق من خلالها بما لا يدع مجالا للشك أن الفارق كبير بين (التجمع ) و ( الجماعة )، فالفرق شاسع بين الاثنين ، التجمع يقوم وينفض ، تحكمه الآراء الشخصية والأهواء والرغبات ، ولا نظام يحكمه ولا قواعد تضبط حركته ، لكل شخص فيه رأيه المستقل وشخصيته المستقلة ، أما الجماعة فلها نظام ومنهج حياة وخطة استراتيجية وأهداف تكتيكية ، ولها نظام إداري وسلم تنظيمي ، واتصالات هرمية ، والجماعة لها لوائح وقوانين وبرامج وآليات عمل ، تذكرت هذه الكلمات بمعانيها ودلالاتها التربوية ، وأنا أتابع ما يقال وما يكتب هنا وهناك ، من هذا وذاك حول برنامج حزب الإخوان المسلمين ، وما تبع ذلك من تصريحات ، وهذه المواقف والأحداث وغيرها من أقوى وسائل التربية عند الإخوان ، فإن التربية بالمواقف هي العاصم من القواصم ، فهي تثبت قلب الواعي ، وتصحح الدرب للمضطرب ، وتقيم الحجة على المشكك .

شهوات أم شبهات
لم تخلو مرحلة من مراحل الدعوة من ثنائية العداء الأبدي لمخططات أعداء الإسلام ، فالتاريخ حافل بمؤمراتهم ، إما بمحاولة الإفساد بالشهوات تارة و بإثارة الشبهات تارة أخرى ، ونتيجة لذلك لم تخلو مرحلة من مراحل الدعوة من المشككين والمثبطين والمذبذبين للصف المسلم من داخله ، وجاءت الحقيقة القرآنية تؤكد ذلك " وفيكم سماعون لهم " لتحذر الصف من الاستجابة لمخططات الأعداء ، بل وقد يصل الأمر إلى الوقوع في المحظور " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم " وقد يتطور الأمر إلى نسيان الغاية " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة " ، وقد أدرك الإمام البنا تلك الحقيقة فقال " كم فينا وليس منا وكم منا وليس فينا " ، ويلفت أنظار الإخوان إلى خطورة الأمر وعواقبه الوخيمة ، وينبه إلى أهمية مراقبة الصف وتنقيته من الضعاف فيقول " وإن كان فيكم مريض القلب معلول الغاية مستور المطامع مجروح الماضى فأخرجوه من بينكم فإنه حاجز للرحمة حائل دون التوفيق " .

عواطف أم عقول
"ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول ، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف ، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع ، واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة ، ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة " كلمات خالدة وجهها الإمام البنا رحمه الله لإخوانه ضابطا للصف المسلم من أن ينحرف في الفهم أو الفكر أو السلوك ، ومحققا لركيزة التوازن والاعتدال في منهجية التفكير الإخواني ، وحاميا للصف من أن تتلاعب به العواطف الجياشة المتحمسة أو العقول الناظرة المتفلسفة ، فلا تغليب للعقول على حساب العواطف ، ولا تلاعب بالمشاعر على حساب الأفكار ، بل إنها النظرة الموضوعية المتوازنة المعتدلة الراشدة من القائد المؤسس رحمه الله .

أهواء أم أصول
" إياكم وكل هوى يسمى بغير الإسلام " إشارة تحذير وجهها ميمون بن مهران رضي الله عنه ، لكل من تتجاذبه حلاوة الأهواء وعذوبة الآراء ، ونجد حادي الركب يذكرنا بهذا الخصوص ، لماذا كتب الإمام البنا الأصول العشرين ؟ ولمن كتبها ؟ وهل كانت من الأهمية بمكان حتى يجعلها أول ركن من أركان البيعة ؟

وتأتي إجابة الناصح الأمين ، لقد كانت الأصول العشرون وما زالت هي السياج الواقي للجماعة وأفرادها من الانحراف ، و السد المنيع أمام التأويلات الخاطئة في فهم الإسلام ، والحامي للصف من اتباع الظن وما تهوى الأنفس ، والضابط لكل حركات وأفعال وأقوال الإخوان هنا وهناك ، ولقد كتب الإمام البنا هذه الأصول من أجل وحدة الفكر والحركة والمنهج التربوي للجماعة وسط العواصف ، ولعدم بروز مدارس فكرية أو جماعات دخيلة وسط الجماعة ، ولعدم السماح بفكر دخيل أو فكرة مناهضة بسبب عاطفة جياشة أو تساهل مغرض أن تخترق الصف ، ولتحفظ للجماعة خطها التربوي والدعوي الأصيل وتنفي عنها خبثها ومحاولات الالتفاف عليها ، ولتكون في النهاية مرجعيتنا عند الاختلاف أو بروز صورة للانحراف ، فهي المعينة على سلامة العمل ، وعلى حسن التطبيق ، والتي تقي الجماعة وأفرادها من العثرات

وجهاء أم مغمورون
عبر تاريخ الدعوة كله ، لم يقع شق بالصف أو انحراف عن الغاية والوجهة بفضل الصوت العالي ، ولم يحدث أن كانت الصولة والجولة والريادة في الجماعة لأصحاب الرونق الإعلامي ، بل كانت الريادة لمن سبق وصدق ، وتحقق لهم وبهم وفيهم صدق الولاء والانتماء لهذه الدعوة المباركة ، فرجال هذه الدعوة ورجال هذه المرحلة وكل مرحلة هم الإخوان الصادقون من الإخوان المسلمين الذين آمنوا بسمو دعوتهم وقدسية فكرتهم وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها ، أويموتوا في سبيلها ، وإلى هؤلاء الإخوان وجه فضيلة المرشد العام مهدي عاكف كلمة في رسالته الأخيرة " ومن يرَ في السير على درب الدعوة وجاهةَ الساسة وأضواءَ النجوم؛ فقد خسر كلَّ الخَسَارة؛ إذ إن أصحاب الدعوات ليس عندهم من جزاء إلا ثواب الله إن أخلص رفيقهم، والجنة إن علم الله فيه خيرًا، وهم كذلك مغمورون جاهًا، فقراء مالاً، شأنُهم التضحيةُ بما معهم، وبذلُ ما في أيديهم، ورجاؤهم رضوان الله، وهو نعم المولى ونعم النصير." ووضح الأمر جليا قائلا " ولتعلموا أيها الإخوان أن أعظم ما يواجهكم من تحدياتٍ هو محاولةُ إيهان عزائمكم، والتشكيك في صحة نهجكم، ونُبل رسالتكم؛ ليدفع بكم خصومُكم صوبَ اليأس المُقْعِد، أو الشك المفرِّق، أو الاندفاع المتهوِّر" .

ثوابت أم متغيرات
ميز الله دعوة الإخوان عن غيرها برؤية واضحة مكنتها من أن تتوحد الجماعة - قيادة وأفرادا - في التصورات والمفاهيم ، وبالحسم في المواقف الصعبة ، واختيار منهج التغيير الأصوب القائم على منهاج النبوة ، وإدراك الفرق ما بين الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي ، فالفرق واضح بين الديني الثابت والثقافي المتغير، وبين ثوابت الحركة ومتغيرات السياسة ، إنها ثوابت العمل في دعوتنا والتي من خلالها تتبين لنا بعض قواعدنا التنظيمية :
· مَن يُخَطئ مَن ؟ ومَن يُحاسِب مَن ؟ وهل للفرد أن يخطئ الجماعة أم العكس ؟
· الفرق بين النصيحة ووعدم السكوت عن الخطأ والنقد البناء في مكانه الصحيح وبين فرض الرأي ، وأين تكون النصيحة ومتى وهل هي ملزمة .
· آليات اتخاذ القرار ما بين دوائر الشورى ودوائر اتخاذ القرار ، و الفرق بين الشورى والاستشارة ، وبين الشورى المنظمة الملزمة والاستشارة العفوية ، وبين مرحلة الشورى ومرحلة التنفيذ ، والاتزان بين الشورى الملزمة والقرار الملزم ، وسلوك الأقلية حيال القرارالملزم .

نصرة أم حراسة
إنما يقاس صدق الانتماء والولاء لهذه الدعوة المباركة في نفس الأخ الصادق بمدى قيامه بالمهمة المطلوبة منه تجاه دعوته في كافة الأحوال وتحت أي ظروف ، والبقاء على ذلك ثابتا محتسبا ، والمتمثلة في :
1. نصرة الدعوة : من خلال نشرها والدفاع عنها والتضحية في سبيلها ، فإنما تنجح الفكرة " إذا قوي الإيمان بها ، وتوفر الإخلاص في سبيلها ، وازدادت الحماسة لها ، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها "
2. حراسة الفكرة : في أفكارها وبنودها ، أصولها وثوابتها ، أركانها ودعائمها ، خصائصها ومميزاتها ، من أن تصاب بأي اختراق فكري ، وهذه الحراسة تتطلب مقومات أربع " إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف، ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل، ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه، والخديعة بغيره. على هذه الأركان الأولية التي هي من خصوص النفوس وحدها، وعلى هذه القوة الروحية الهائلة، تبنى المبادئ وتتربى الأمم الناهضة، وتتكون الشعوب الفتية، وتتجدد الحياة فيمن حرموا الحياة زمناً طويلاً "

لحظة صدق
هي لحظة صفاء نفس ، نتذاكر فيها أهم ما يربطنا بهذه الدعوة المباركة وهذه الجماعة الخالدة ، و هي وقفة صادقة مع النفس نجدد فيها العهد مع الله ومع دعوتنا وجماعتنا :
· أن نبقي على ثقتنا في الجماعة ، فهي حصن الأمان لنا جميعا ، وهي سر بقاء الدعوة رغم ما تعرضت له من شبهات واتهامات والقيل والقال عبر تاريخها .
· أن نحافظ على عوامل القوة داخل الجماعة والتي تتمثل في : وحدتنا الفكرية والعضوية والتنظيمية – ترابط صفنا القائم على الأخوة تؤدي حقوق أخوتهم كاملة من الحب والتقدير والمساعدة والإيثار وأن تحضر اجتماعاتهم فلا تتخلف عنها إلا بعذر قاهر , وتؤثرهم بمعاملتك دائما – قبولنا للرأي الآخر داخلنا – تناصحنا – عدم السكوت على الخطأ – الجهر بالوعظ ولكن في مسكنه الطبيعي
· أن نعمل على نشر دعوتنا في كل مكان وأن نحيط القيادة علما بكل ظروفنا ولا نقدم على عمل يؤثر فيها جوهريا إلا بإذن , وأن نكون دائمي الاتصال الروحي و العملي بها , وأن نعتبر أنفسنا دائما جنودا في الثكنة تنتظر الأوامر، أن نتخلى عن صلتنا بأية هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتنا وخاصة إذا أمرما بذلك .

مسك الختام
قالها لنا إمامنا الشهيد " أيها الأخ الصادق : هذه مجمل لدعوتك , وبيان موجز لفكرتك , وتستطيع أن تجمع هذه المبادئ في خمس كلمات:(الله غايتنا و الرسول قدوتنا و القرآن شرعتنا و الجهاد سبيلنا و الشهادة أمنيتنا) ، و أن تجمع مظاهرها في خمس كلمات أخرى : (البساطة والتلاوة والصلاة والجندية والخلق ) فخذ نفسك بشدة بهذه التعاليم , وإلا ففي صفوف القاعدين متسع للكسالى و العابثين .
وأعتقد أنك إن عملت بها وجعلتها أمل حياتك وغاية غايتك , كان جزاؤك العزة في الدنيا والخير والرضوان في الآخرة , وأنت منا ونحن منك , وإن انصرفت عنها وقعدت عن العمل لها فلا صلة بيننا وبينك , وإن تصدرت فينا المجالس وحملت أفخم الألقاب وظهرت بيننا بأكبر المظاهر , وسيحاسبك الله على قعودك أشد الحساب , فاختر لنفسك ونسأل الله لنا ولك الهداية و التوفيق " .

السبت، ٢٠ أكتوبر ٢٠٠٧

طريق الدعوة مثابرة وإصرار


"إن المسلم بقواه الكامنة، وملكاته المدفونة فيه، والفرص المحدودة المتاحة له، يستطيع أن يبنى حياته من جديد" كلمات سطرت بأحرف من ذهب، صاغها الشيخ محمد الغزالي يرحمه الله يبصر الدعاة بطريقهم، ويبث فيهم روح المثابرة والإرادة والعزيمة ، ثم خاطب المسلم منا بقوله: "فلا تعلق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير. إن الحاضر القريب الماثل بين يديك، ونفسك هذه التي بين جنبيك، والظروف الباسمة أو الكالحة التي تلتف حواليك، هي وحدها الدعائم التي يتمخض عنها مستقبلك، فلا مكان لإبطاء أو انتظار".
ومن هنا يدرك الدعاة إلى الله أن أول عوامل النجاح، وتحقيق الأهداف الكبرى هو: التخلص من وهم (لا أستطيع مستحيل)، وهو بعبارة أخرى: التخلص من العجز الذهني، وقصور العقل الباطن، ووهن القوى العقلية. وتلك هي روح المبادرة، فإن الأخذ بالأسباب الشرعية والمادية يجعل ما هو بعيد المنال حقيقة واقعة، وقديماً قيل: "نصف الحياة حلم ونصفها الآخر حقيقة".. وكثيراً ما تتحول الأحلام إلى حقيقة أو العكس، "فأحلام الأمس حقائق اليوم".

المثابرة إرادة
"لا يوجد صعب تحت الشمس" عبارة قالها الناس في كل زمان ومكان. فما دامت هناك إرادة وتصميم وعزم بلغ الإنسان أعظم ما يتمنى، ولله در ابن القيم حينما قالها : " إن المؤمن لو عزم على إزالة جبل لأزاله " وصدق الإمام البنا حين قال: "إن الرجل الواحد في وسعه أن يبني أمة إن صحت رجولته".
الإرادة في اللغة: "أراد الشيء، بمعنى أحبه وعني به ورغب فيه" ، والإرادة هي القوة الخفية لدى الإنسان وهي تعني اشتياق النفس وميلها الشديد إلى فعل شيء ما، وتجد أنها راغبة فيه ومدفوعة إليه.. والإرادة قوة مركبة من: رغبة + حاجة + أمل.
ورحم الله الإمام البنا حينما أكد ضرورة توفر تلك الإرادة في العاملين للإسلام "إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف " ، بل إن الامام البنا لم يقف بالإرادة وتوافرها عند حدود دعاة الإصلاح فقط، بل يجعلها من ملامح الشخصية المسلمة التي تسعى الدعوة لإيجادها في أرض الواقع فقال: "نحن نريد نفوساً حية قوية فتية، وقلوباً جديدة خفاقة، ومشاعر غيورة ملتهبة، وأرواحاً متطلعة متوثبة. إن الإسلام يريد في الفرد وجداناً شاعراً يتذوق الجمال والقبح، وإدراكاً صحيحاً يتصور الصواب والخطأ، وإرادة حازمة لا تضعف أمام الحق، وجسماً سليماً يقوم بأعباء الواجبات الإسلامية حق القيام، ويصبح أداة صالحة لتطبيق الإرادة الصالحة وينصر الحق والخير".
فعلى قدر تحقق تلك الإرادة في نفوس أصحاب الدعوات وحملة الرسالات، وأتباعهم، يكون نجاح تلك الدعوات في الوصول لأهدافها.

روح المثابرة:
أخي الحبيب.. قد يتوقف الإنسان في أحد منعطفات الحياة، ولكن من لديه غاية لا يتوقف أبداً، وهذا هو الذي دفع الصحابة للعمل من أجل الفردوس الأعلى ، ولنا في الحبيب صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في المثابرة وقوة الإرادة. ففي حالات السلم نجده يعلنها قوية: "والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته، حتى يظهره الله أو أهلك دونه" وفي حالات الجهاد نجده يعلنها أيضاً قوية: "والله لأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتي".
ومن أثر تلك المثابرة والإرادة القوية، تربت أجيال الصحابة الكرام، فنجد كلمات أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقت الردة خير تعبير عن أثر تلك التربية النبوية "أينقص الدين وأنا حي! والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه"، وقوله: "ولو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي"وفي سيرة الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز يرحمه الله ما يوضح لنا قصة إنجاز ورواية مجد، فها هو يروي عن نفسه فيقول: "إن لي نفس تواقة كلما وصلت إلى شيء تاقت إلى ما هو أعلى منه، وقد وصلت إلى الخلافة، وقد تاقت نفسي إلى الجنة"، ويقول أيضاً عن نفسه في رواية أخرى: "إن لي نفسا تواقة، لقد رأيتني وأنا بالمدينة غلام مع الغلمان، ثم تاقت نفسي إلى العلم وإلى العربية والشعر، فأصبت منه حاجتي وما كنت أريد، ثم تاقت نفسي وأنا في السلطان إلى اللبس والعيش والطيب، فما علمت أن أحد من أهل بيتي ولا غيرهم كان في مثل ما كنت فيه، ثم تاقت نفسي إلى الآخرة والعمل بالعدل، فأرجو ما تاقت نفسي إليه من أمر آخرتي".

المثابرة طريق لا نوم فيه
جاءنا عن الحبيب المصطفى قوله "ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة"، ولكن لابد للسلعة الغالية من بذل ثمن مناسب يليق بها.. ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر..!! وسيدفع من أجل (عينيها) كل ما يستطيع بطيب نفس، وسلعة الله غالية.. بل غالية جداً وعزيزة.. فمن رغب فيها بجد، فليعزم على ألا ينام في عرض الطريق.
ولقد طلبت السيدة خديجة رضي الله عنها من حبيبها وقرة عينها محمد صلى الله عليه وسلم أن ينام.. فقال لها: "مضى عهد النوم يا خديجة"!! نعم.. مضى عهد النوم، ولا راحة في الطريق حتى يضع الدعاة أقدامهم في الجنة. نطق بذلك الفاروق عمر "الراحة للرجال غفلة"، وأكد المعنى نفسه الإمام أحمد بقوله: "لا راحة للمؤمن إلا في الجنة".
فلا تعرف عيون المشتاقين النوم أو الغفلة، ولا تعرف عيون الخائفين الراحة أو السكون، بل هو الجد والعمل والاجتهاد والمثابرة الدائمة.
فحاول أخي الداعية، أن تكون يقظاً على الدوام.. يقظاً مع الله.. مشدوداً إليه.. واستمت في مواصلة الرحلة مهما حدث، وامض في إصرار وملء قلبك ثقة بربك الكبير المتعال.. فإذا أنت هناك!! في جنة الخلد مع الحبيب المصطفى.

الطموح كنز لا يفنى
لا يسعى للنجاح من لا يملك طموحاً، ولذلك كان الطموح هو الكنز الذي لا يفنى، فكن طموحاً وانظر إلى المعالي، فإن الرجل الواحد بوسعه أن يبني أمة إن صحت رجولته ، وهذا ما يفسر لنا سر تحول العرب بعد دخولهم الإسلام، فبعد أن كانوا أناساً خاملي الذكر، أصبحوا بالإسلام قوة جبارة تحكم العالم بالعدل والسلام، وخرج منهم علماء في شتى مجالات الحياة، رغم ما بهم من عجز، إلا أنهم كانوا قادرين على تفجير ما لديهم من طاقات ولو كانت محدودة، فأناروا العالم بنور العلم الذي بهداه تقدم الغرب، وصنعوا حضارتهم الحالية التي ننبهر من روعتها؛ رغم أنها وليدة حضارتنا الإسلامية والتي نجهل قوتها الكامنة.

صور رائعة
1 تجربة الإمام الشافعي: فقد ولد الإمام الشافعي سنة 150 هجرية، في العام نفسه الذي توفي فيه الإمام أبوحنيفة. وعندما شب محمد بن إدريس الشافعي دفعت به أمه إلى مكتب في مكة لحفظ القرآن، وكانت الأسرة فقيرة، فلم تجد أمه ما تدفعه للمعلم.. فكان المعلم مهملاً في تحفيظه القرآن، ولكن الشافعي هذا الفتى الصغير كان يستمع إلى ما يحفظه المعلم لرفاقه فيحفظه، حتى إذا قام المعلم من مجلسه جلس الشافعي ليحفظ قرناءه ما قرأه عليهم المعلم ، لاحظ هذا معلمه فقال: ما تبغي؟ فقال له الشافعي: أُعَلِّمُ قرنائي، على أن تعلمني أنت.. وأكفيك أمر الصبيان. وافق المعلم على هذا، وأعفاه من الأجرة، واستمر هذا الحال حتى حفظ الشافعي القرآن وهو ابن سبع سنين .
2ابن القيم: أتدري كيف كتب كتابه القيم (زاد المعاد)؟ لقد كتبه وهو مسافر، متحدياً مصاعب السفر ومشاقه.3 شيخ الإسلام ابن تيمية يرحمه الله، كتب غالب فتاواه الكبرى وهو في السجن، رغم مرارة الظروف وقلة المعين.

لأصحاب الأعذار سبق
1 أبو العلاء المعري الذي اعتل بالجدري في السنة الرابعة من عمره، فعمي منه، وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، حتى إنه قال مرة: "أنا أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر". ولزم بيته وسمى نفسه "رهين المحبسين"، أي حبس نفسه في منزله، وحبسه بصره بالعمى. يقول عن عماه:
إن يأخذ الله من عيني نورهما ففي فؤادي وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل وفي فمي صارم بالقول مشهور
2 ابن الأثير: كان مقعداً، ومع ذلك ألف كتبه الرائعة "كجامع الأصول والنهاية في غريب الحديث... الخ".3 الإمام الشاطبي صاحب القصيدة المشهورة في القراءات والمعروفة ب"الشاطبية" فقد كان ضريراً، وكان إذا ما قرأ الناس عليه البخاري ومسلم والموطأ، صحح لهم النسخ من حفظه.
4 مصطفى صادق الرافعي أحد كبار الكتاب وأدباء العصر الحديث، ولم ينل سوى الشهادة الابتدائية، إذ مرض بعدها بالتيفوئيد، وأصيب بصمم في أذنيه، وحبسة في صوته، وكان هذا سبباً يباعد بينه وبين الناس من ناحية، ويحثه على البحث والمطالعة من ناحية أخرى.

وعلى الطريق رجال
وتبرز لنا أمثلة في مثابرة الدعاة وإصرارهم يقتدى بها من رجالات الدعوة الحبيبة:
1- ولعل أولها تجربة الإمام الشهيد حسن البنا يرحمه الله، والذي استطاع خلال فترة قصيرة أثناء تواجده في الإسماعيلية (ستة أشهر) أن يؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وانطلق بها خلال فترة محدودة من الزمن (15 عاماً) لتصل إلى 20 قطراً عربياً وعالمياً، وأن يؤسس لها 2000 شعبة في مصر وحدها، ويطوف بنفسه بأكثر من أربعة آلاف قرية، وها هي دعوة الإمام اليوم تتواجد في أكثر من 90 دولة في العالم.
2- ومن هؤلاء الشهيد كمال السنانيري، ومن بعده تلميذه عبد الله عزام يرحمه الله- وما صنعه في بلاد الأفغان، ونقل الكثير من التجارب، والفقه التربوي، وصار قدوة للمئات من الشباب، وأذكى روح الجهاد، وهي تجربة ابتدأت فردية، ثم اتخذت الطابع الجماعي من خلال التجربة والحوار.
3- وتأتي تجربة الداعية الإيجابي (د.عبدالرحمن السميط) الذي آلمته المجاعة في إفريقيا، فترك مهنة الطب، والعيش الفاره، وبدأ عمل الإغاثة بمجهود فردي، وصب كل أفكاره فيها، حتى تحول بإذن الله تعالى ثم بمؤازرة إخوانه العمل الإغاثي من جهود فردية إلى منظمة كبيرة تخدم الكثير من الدول وتؤسس العديد من المشاريع في إفريقيا، وتحولت إلى سمة بارزة في العمل الإسنادي، وصار مثالاً يحتذى في خدمة القضايا الإسلامية.4- الشيخ القعيد أحمد ياسين والذي استطاع رغم ما به من شلل تام وأمراض مزمنة عديدة أن يحدث صحوة وحركة إسلامية جهادية أقضت مضاجع اليهود في أرض الإسراء والمعراج، وظل يجاهد وينافح عن دين الله وعن قضية المسلمين الأولى حتى نال الشهادة.

لنا فيهم عبرة
أخي الحبيب
· فكر في هؤلاء العظماء والنتائج الرائعة التي وصلوا إليها في حياتهم، بعد أن أخذوا عهداً على أنفسهم ألا يقبلوا بأقل من المستوى الذي حلموا به .
· تأمل حياة العظماء، وعلى رأسهم رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم.
· ادرس سيرة الصحابة رضوان الله عليهم والصحابيات رضوان الله عليهن.
· تفكر في سير العلماء من القادة والمصلحين من أهل الشرق والغرب: ابن سينا وابن حيان والفارابي وخالد بن الوليد وسيف الدين قطز وإسحاق نيوتن وأينشتاين وحسن البنا وإبراهام لينكولن وهيلين كيلر وماري كوري والمهاتما غاندي وغيرهم من الناجحين الذين قرروا وبكل قوة وعزم أن يخطوا خطوة إيجابية رائعة في حياتهم أياًّ كانت معتقداتهم وقناعاتهم وأن يرفعوا من قواميسهم كلمة "مستحيل".
فالقوة التي توافرت لديهم متوافرة لك أيضاً، وستكون أيضاً بين يديك، فقط إذا كانت لديك الشجاعة لكي تحصل عليها. إن تغيير المنظمات والشركات والدول أو العالم كله يبدأ بخطوة واحدة بسيطة وهي (أن تغير نفسك) .

كيف تغير نفسك لتكون داعياً مثابراً؟
إنه طريق طويل، ولكنه سهل. وهذه بعض القواعد التي تمهِّد لك الطريق للوصول إلى المثابرة ، مقتبسة من مقال بعنوان " كيف تغير نفسك ":
1. حسن الصلة بالله وتقوية الإيمان .
2. تصحيح النية، وسلامة القصد، وعدم حصول الهوى، أو غلبة الشبهة.
3. الهمة العالية: فرب همة أيقظت أمة، وقد قيل عن الشيخ ياسين رحمه الله: "شيخ قعيد، أيقظ أمة ونال الشهادة، فمتى يصحو صحيح البدن قعيد الهمة"؟
4. العلم التكويني: أي العلم الذي يدفع صاحبه للعمل لا التنظير "إن العلم إمام العمل، وقائد له، والعمل تابع له ومؤتم به،...".
5. الرضا بالله وبقضائه، والنظر إلى الأمَام، والابْتَسِامْ في مواجهة الصعاب والآَلام والمتاعب، والسْعاَدةْ بالأيام مهما كانتَ مُثْقَلة بالواجبات.
6. العيِشْ في الحاضر، والسْعي إلى المستقبل دون بكاء على الماضي. وليكن الماضي وسيلة للاعتراف بالأخطاء إنْ وُجِدَتْ، كي تتعلَّم منه دروساً لحاضرك ومستقبلك.
7. التخَلص من الحقد والكراهية، فهما أهم أسباب عدم الرضَّا عن النفس ، ولا تكنْ مثل الذين يعيشون في إطار ضَيِّقٍ، دون أن يمتزجوا بالحياة الواسعة.
8. ارفع رأسك، وتطلّع نحو القمة، ثم شمر إليها، ولك أجر نيتك، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وحاول جاهداً أن تصل، ابذل ما بوسعك، ولا تبقِ من وسعك شيئاً.. (ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها)
9. هيئ نفسك أن تجعل من كل عثرة تقع فيها، سلَّماً نحو خطوة أفضل ، وهيئ نفسك أنك مع كل (فشل) في محاولة، بأنه آخر هزائمك في معركتك الضارية مع الشيطان وجنوده، وبعدها سوف تستلم أنت دفة القيادة في أمان ، ولك في توماس أديسون العبرة ، إنه مخترع الكهرباء الذي قام ب 1800 محاولة فاشلة قبل أن يحقق إنجازه الرائع، ولم ييأس بعد المحاولات الفاشلة التي كان يعتبرها دروساً تعلم من خلالها قواعد علمية وتعلم منها محاولات أدت به في النهاية إلى اختراع الكهرباء
10. تجمّل بالإصرار على مواصلة الطريق إلى الله، رغم كل ريح تعترضك في هذا الطريق وحاديك في ذلك قوله تعالى ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ).
ولا تنسَ في الختام: أن يبقى قلبك معلقا ًبالله سبحانه، مشدوداً إليه، مرتبطاً به، لا يبرح أعتابه، ولا يلتفت إلى غيره.. ولا يرجو سواه.. متضرعاً إليه، لاهجاً بذكره، واثقاً بموعوده، شاكراً إياه على كل حال.وحين يراك سبحانه على هذه الصورة المشرقة المتلألئة: سيفتح لك أبواباً من حيث لا تحتسب.. وسيفتح أمامك آفاقاً رحبة لم تكن تدر في بالك يوما (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )فهيا نشمر عن ساعد الجد والاجتهاد، والمثابرة والإصرار، من أجل دعوة الله الخالدة، ومن أجل جنة الله الغالية.



الاثنين، ٨ أكتوبر ٢٠٠٧

انقضى رمضان

انقضى رمضان
وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت


انقضى رمضان .. بصيامه وقيامه ، وركوعه وسجوده ، وتراويحه وتهجده ، وانقضت عشر الرحمة وعشر المغفرة وعشر العتق من النار ، وارتحلت أيامه ولياليه ، حاملة معها أغلى الأوقات وأحب الساعات ، وفي جعبتها العبادات المتواصلة ، والتلاوات المرتلة ، والصلوات الخاشعة ، والأذكار المتجددة ، واستغفارات الأسحار ، وسجدات الليل والنهار ، ودمعات التائبين ، وأنين المستغفرين ، وبكاء المبتهلين .

انقضى رمضان .. بموائده الربانية الحافلة بالخيرات من رب السموات ، مضى شهر الذكر والقرآن، شهر البر والإحسان، شهر الإرادة والصبر، شهر الإفادة والأجر، شهر الطاعة والتعبد، شهر القيام والتهجد، شهر زيادة الإيمان ، ومضت أيامه المليئة بالسرور ، ولياليه المشرقة بالنور ، ومضت 30 يوما بل 30 عيدا من أعياد القلب والروح .

انقضى رمضان .. ولكن نفوس الصادقين لا زالت على العهد ، تردد مع الحبيب صلى الله عليه وسلم " وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت " إنه الحداء الخالد الذي ردَّده الحبيب- صلى الله عليه وسلم- صباح مساء في حديث سيد الاستغفار ، فتربى الصحابة الكرام على هذا العهد، وعاشوا به في رمضان وفي غيره، فكانوا يسعون إلى الله شوقًا، ويطلبون وصاله سبحانه وتعالى في كل وقت وحين ، وسار على الدرب من بعدهم التابعون والصالحون

وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. نداء وحداء تردده النفوس التي سطعت فيها شمس الإيمان ، والقلوب التي حيت بالقرآن ، والأرواح التي قويت بها الإرادة من بعد ضعف، وعلت بها الهمة من بعد انتكاس، واشتد بها العزم من بعد فتور .
وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. فقد ألقيت في قلبي حب المسجد والارتباط به في رمضان ، وحب الصالحين والمكث معهم ، فأعاهدك يارب .. وأردد لك مع العبد المنيب (عائد أنا من حيث أتيت ، عائد أنا لمسجدي ، عائد إلى الصلاة والركوع والسجود ، عائد إلى الطريق خلف أحمد الرسول ) ، وألا أترك صحبة الصالحين ومجالسة المؤمنين ، وأن أحافظ على البيئة الصالحة المعينة لي على طاعتك.

وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. لقد تذوقت في رمضان حلاوة الصيام والقيام إيمانا واحتسابا ، وأعاهدك يارب أن اجعل كل أعمالي وأفعالي وأقوالي إيمانا واحتسابا ، سأجعل صيامي بعد رمضان إيمانا واحتسابا ، وسأجعل طلبي للعلم إيمانا واحتسابا ، وسأجعل أمري بالمعروف ونهيي عن المنكر إيمانا واحتسابا ، وصبري وجهادي إيمانا واحتسابا ، وعملي ودراستي وخروجي ودخولي إيمانا واحتسابا .

وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. لقد ملكتني القدرة على الصيام شهرا كاملا فامتنعت عن الحلال فيه إضافة إلى الحرام ، فأعاهدك يارب أن أمتلك ذات القدرة والإرادة على ترك المحرمات واجتناب المنكرات ، والمحافظة على جوارحي من الوقوع في الشهوات والمحرمات ، ومواصلة السير إليك بإرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر .

وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. فقد أعنتني على القيام مع الإمام مهما أطال التلاوة في التراويح وفي تهجد الليل ، ومنحتني القدرة على قيام الليل بالساعات الطوال ، فأعاهدك يارب ألا أترك صلاة في جماعة خلف الإمام ، وأن آخذ بنصيبي من القيام طوال العام وألا أقصر فيه ، فهو شرف المؤمن ، وفيه لذة الأنس بك وحلاوة مناجاتك .

وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. لقد شرحت صدري بتلاوة القرآن ، وأعنتني على ختمه في رمضان مرة ومرتين وثلاث ، فأعاهدك يارب ألا تصرفني أعمالي عن وردي القرآني ، وألا تأخذني شواغل الدنيا وزخارفها عن حزبي من القرآن وألا أقع في هجر القرآن أبدا (تلاوة أو تدبرا أو حفظا أو فهما أو سماعا) ، وأن أحمل مصحفي دائما في جيبي .

وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. فقد ألهمتني في رمضان أن خير الناس أنفعهم للناس ، فأعنتني على خدمة الآخرين وهدايتهم وقضاء حوائجهم ، فأعاهدك يارب ألا أنقطع عن خدمة أمتي ومجتمعي ، وأن أهب وقتي وجهدي وصحتة وعافيتي ومالي وما أملك لدينك ودعوتك ورسالتك .

وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. فقد ربيتني على مكارم الأخلاق في رمضان ورزقتني قوة خلق أمام من سابني أو شتمني بقولي " إني صائم " ، فأعاهدك يارب أن أحافظ على أخلاق الإسلام في كل معاملاتي ، وأن أتمتع بحسن الخلق مع أهلي وجيراني وزملائي وإخواني ، في البيت وفي الشارع ، في المدرسة والكلية ، في الشركة والمصنع ، في المسجد والمكتب .

وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. فقد أحييت قلبي ونفسي في رمضان ورددتني إليك وجعلتني حييا عفيفا ، فأعاهدك يارب أن أبقى حيا وحييا قلبا وقالبا ، وأن أعظمك في قلبي في كل وقت وحين ، وأن أداوم على الأعمال الصالحة التي تقربني إليك ، وأن أبقى محافظا على نعمة الطاعة وعدم قلبها إلى نقمة المعصية ، وألا أكون " كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا " .

" ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما "

اللهم أعني على الوفاء بعهدي ووعدي معك
و أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
و أعني على السير خلف رسولك وحبيبك
و اجعل موعدنا بحبوحة جناتك وجنانك